للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"بأرض قومي": قريشٌ فقط، فيختص النفي بمكة وما حولها، ولا يمنع ذلك أن تكون موجودة بسائر بلاد الحجاز، وقد روى مسلم: دعانا عروس بالمدينة، فقرّب إلينا ثلاثةَ عشرَ ضبًا، فآكلٌ وتاركٌ، الحديث (١)، فهذا يدل على كثرة وجدانها بتلك الديار (٢)، (فأجدني أعافه) -بعين مهملة وفاء خفيفة-؛ أي: أتكره أكله، يقال: عفتُ الشيء أعافه (٣).

ووقع في رواية سعيد بن جبير: فتركهنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كالمتقذر لهنَّ، ولو كان حرامًا، لما أُكلن على مائدة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولما أمر بأكلهن (٤)، كذا أطلق الأمر، وكأنه تلقاه عن الإذن المستفاد من التقرير؛ فإنه لم يقع في شيء من طرق حديث ابن عباس بصيغة الأمر إلا في رواية يزيد بن الأصم عند مسلم؛ فإن فيها: فقال لهم: "كلوا"، فأكل الفضل، وخالد، والمرأة (٥).

وكذا في رواية الشعبي عن ابن عمر: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كلوا، وأطعموا؛ فإنه حلال"، أو قال: "لا بأس به، ولكنه ليس طعامي" (٦)، وفي هذا كله بيان سبب ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - لأكله؛ لأنه غير معتاده.

وقد ورد لذلك سبب آخر أخرجه مالك من مرسل سليمان بن يسار، فذكر معنى حديث ابن عباس، وفي آخره: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كُلا" -يعني:


(١) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (١٩٤٨).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٦٦٥).
(٣) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(٤) رواه البخاري (٦٩٢٥)، كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: الأحكام التي تعرف بالدلائل.
(٥) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (١٩٤٨).
(٦) رواه البخاري (٦٨٣٩)، كتاب: التمني، باب: خبر المرأة الواحدة، ومسلم (١٩٤٤)، كتاب: الصيد والذبائح، باب: إباحة الضب.

<<  <  ج: ص:  >  >>