وإذا كانتا كذلك، فيجزىء المسحُ على الخفين عن غسلهما، ونقل الإمام إخراجهما، (فمسح) - صلى الله عليه وسلم - (عليهما)؛ أي: الخفين الساترين للكعبين من الرجلين.
وقد استدل بقوله:"فإني أدخلتُهما طاهرتين" على اشتراط لبسِهما بعد كمال الطهارة؛ لأنه - عليه السلام - علل عدمَ نزعهما بإدخالهما طاهرتين، ومفهومه: أن إدخالهما غير طاهرتين يقتضي النزع، وأصرَحُ من هذا - على اعتبار لبس الخفين بعد كمال الطهارة - حديثُ المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -، قال: قلت: يا رسول الله! أيمسح أحدنا على خفيه؟ قال:"نعم، إذا أدخلهما وهما طاهرتان" رواه الدارقطني (١).
فإن قوله:"أدخلتُهما" يقتضي كل واحدة منهما.
وقوله:"وهما طاهرتان" حالٌ من كل واحدة منهما، فيصير التقدير: إذا أُدخلت كلُّ واحدةٍ في حال طهارتها، فذلك إنما يكون في كمال الطهارة، فلو غسل إحدى رجليه، فأدخلهما الخفَّ، ثم غسل الأخرى، وأدخلها الخفَّ، لم يجز المسح؛ لأنه أدخل الرِّجلَ الأولى قبل كمال الطهارة.
فإن نزعها، ثم أدخلها الخف، جاز المسح؛ لأنه حينئذ يكون قد لبسهما بعد كمال الطهارة، وهذا وفاقاً للشافعي، وإسحاق، ونحوُه عن مالك.
وكذا حكمُ غير الخفِّ من كل ممسوح، فلو مسح رأسه، ولبس العمامة المحنكة، أو ذات الذؤابة، لم يَسُغْ له المسح عليها حتى ينزعها، فيلبَسها
(١) رواه الدارقطني في "سننه" (١/ ١٩٧)، والحميدي في "مسنده" (٧٥٨). ورواه البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٢٨٢)، وابن عبد البر في "التمهيد" (١١/ ١٢٩)، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - موقوفاً.