للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(عن أبي ثعلبة) جُرْهمِ بنِ ناشبٍ (الخُشَني) -بضم الخاء وفتح الشين المعجمتين فنون- نسبةً إلى خُشينة؛ كجُهينة، بطن من قضاعة -كما تقدم- (- رضي الله عنه -، قال: أتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلتُ: يا رسول الله! إنا بأرض قوم أهل كتاب) يعني: الشام، وكان جماعة من قبائل العرب قد سكنوا الشام وتنصروا، منهم: آل غسان، وتنوخ، وبهرة، وبطون من قضاعة، منهم: بنو خُشَين آل أبي ثعلبة، (أفنأكل) معشرَ المسلمين (في آنيتهم) جمع إناء، والأواني جمع آنية، (و) أنا (في أرض) صيد، (أصيدُ) منها (بقوسي وبكلبي الذي ليس بمعلم)، (و) أصيد (بكلبي المعلم، فما يصلح)؛ أَي: يحل (لي) من ذلك كله؟ فأجابه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ترتيب سؤاله الأول، (فقال: أما ما ذكرت من آنية أهل الكتاب، فإن وجدتم غيرها)، فكلوا فيما وجدتم من الأواني غير آنية أهل الكتاب، ودعوا آنيتهم (فلا تأكلوا فيها) احتياطًا؛ لكثرة استعمالهم النجاسة، حتى إن منهم من يتدين بملامستها.

وقد اختلف الفقهاء في ذلك بناءً على تعارض الأصل والغالب: فقال قوم بوجوب غسل آنية أهل الكتاب لمن أراد استعمالها.

ومشى عليه ابن حزم معتمدًا ظاهريته، فقال: لا يجوز استعمالُ آنية أهل الكتاب إلا بشرطين: أحدهما: أَلَّا يجد غيرها، والثاني: غسلها.

وقالوا في تعليل ذلك: إن الظن المستفاد من الغالب راجح على الظن المستفاد من الأصل (١).

وأجاب من قال بأن الحكم الأصل حتى يتحقق النجاسة بجوابين:


= و"عمدة القاري" للعيني (٢١/ ٩٥)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (٨/ ٢٥٨)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (٩/ ٤).
(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٤/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>