للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال القزاز: مأخوذة من الأبد، وهو الدهر؛ لطول مقامها.

وقال أبو عُبيد: أُخذت من تأبدت الدار تأبدًا، وأبدَت تأبِدُ أُبودًا: إذ خلا منها أهلها (١).

وفي "المطالع": قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أوابد"؛ أي: نوافر، يقال: أبدت تأبِد، أو تأبُد أُبودًا فهي آبدة: إذا توحشت (٢). ومن ثم قال: (كأوابد)؛ أي: نَفور (الوحش)، وهو ما لا يستأنس من دواب الأرض، والجمع وحوش. يقال: حمار وَحْش، وثور وَحْش (٣).

(فما غلبكم منها)؛ أي: البهائم النافرة، إما بِعَدْوِه، وإما باستصعابه، والجامعُ لذلك كلِّه عدمُ القدرة على المقصود عنه.

(فاصنعوا)؛ أي: افعلوا (به)؛ أي: بالنادِّ والمتوحِّش منها ونحوِه (هكذا)؛ أي: ارموه بالسهم، فإذا نفر من البهائم الإنسية شيء، فهو بمنزلة الوحش في جواز عقره على أي صفة اتفقت (٤)؛ كما أفاده قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا غلبكم منها شيء، فافعلوا به هكذا" (٥) كما في لفظ من ألفاظ هذا الحديث.

وأما لفظ: "إن لهذه الإبل أوابد" إلخ، فالظاهر: أن تقديم ذِكْرِها كالتمهيد لكونها تشارك المتوحش في الحكم.

وأما قول ابن المنير: فإنها تنفر كما ينفر الوحش لأنها تُعطى حكمَها، فيردُّه آخرُ الحديث، وهو قوله: "فاصنعوا به" إلخ (٦)، فدل على أن ما نَدَّ


(١) انظر: "عمدة القاري" للعيني (١٣/ ٤٦).
(٢) وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ١١).
(٣) انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٦/ ٣٦٨)، (مادة: وحش).
(٤) انظر: "عمدة القاري" للعيني (٢١/ ١١٩).
(٥) تقدم تخريجه عند البُخاريّ برقم (٥١٩٠)، وعند مسلم برقم (١٩٦٨/ ٢٠).
(٦) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٦٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>