للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أسكر كثيرُه، فقليلُه حرام"، وتقدم في الحديث الذي قبله (١)، وقد أخرج ابنُ حبان، والطحاوي من حديث عامرِ بنِ سعدِ بن أبي وقاص، عن أبيه، عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "أنهاكم عن قليلِ ما أسكرَ كثيرُه" (٢).

وقد اعترف الطحاوي بصحة هذه الأحاديث، لكن قال: اختلفوا في تأويل الحديث، فقال بعضهم: أراد به جنسَ ما يُسكر، وقال بعضهم: أراد به ما يقع السكرُ عنده، ويؤيده أن القاتل لا يسمى قاتلًا حتَّى يَقتل، قال: ويدل له حديث ابن عباس، رفعه: "حُرِّمَتِ الخمرُ قليلُها وكثيرُها، والسُّكرُ من كلِّ شراب" (٣).

قال في "الفتح": أخرجه النَّسائي (٤)، ورجاله ثقات، إلَّا أنه اختلف في وصله وانقطاعه، وفي رفعه ووقفه، وعلي تقدير صحته، فقد رجح الإمام أحمد وغيره أن الرواية فيه بلفظ: المُسْكِر (٥) -بضم الميم وسكون السين المهملة- لا السُّكْرُ -بضم فسكون-، أو بفتحتين، وعلى فرض ثبوتها، فهو حديث فرد، ولفظه محتمل، فكيف يعارض عموم تلك الأحاديث مع صحتها وكثرتها؟


(١) وتقدم تخريجه.
(٢) رواه ابن حبان في "صحيحه" (٥٣٧٠)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٢١٦).
(٣) انظر: "شرح معاني الآثار" للطحاوي (٤/ ٢٢١).
(٤) رواه النَّسائي (٥٦٨٣)، كتاب: الأشربة، باب: ذكر الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب السكر.
(٥) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١٠٩)، ثم قال: يقول شريك: ربما حدث "المسكر"، وربما حدث: "السكر".

<<  <  ج: ص:  >  >>