للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وردُّ السّلام حيث سُنَّ ابتداؤه فرضُ كفاية، وعلى الواحد فرضُ عين (١)؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: ٨٦]، وعلم مما ذكرنا أن ابتداءه ليس بواجب.

وذكره ابن عبد البر إجماعًا، وظاهر ما نُقل عن الظاهرية وجوبُه.

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية: أنه أحد القولين في مذهب الإمام أحمد، وغيرِه.

الثاني: استدل بالأمر بإفشاء السلام على أنه لا يكفي السلام سِرًّا، بل يشترط الجهرُ به، وأقلُّه أن يُسمع المسلَّم عليه في الابتداء، وفي الجواب: أن يسمع المُسَلِّم، ولا تكفي الإشارة باليد ونحوِها (٢).

وقد أخرج النسائي بسند جيد عن جابر، رفعه: "لا تُسَلِّموا تسليمَ اليهود، فإنَّ تسليمَهم بالرؤوس والأَكُفِّ" (٣).

ويستثنى من ذلك حالةَ الصلاة، فقد وردت أحاديثُ جيدة أنه - صلى الله عليه وسلم - ردَّ السلام وهو يصلي إشارةً (٤).

قال علماؤنا: رفعُ الصوت بالسلام بقدرِ إبلاغٍ واجبٌ في رَدٍّ، ومندوبٌ في ابتداءٍ (٥)، والله الموفق.

قال البراء بن عازب -رضي الله عنهما-: (ونهانا) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (عن


(١) انظر: "الإقناع" للحجاوي (١/ ٣٧٧).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١١/ ١٨).
(٣) رواه النسائي في "السنن الكبرى" (١٠١٧٢).
(٤) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٤٥٤)، من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -. وفي الباب عن غيره من الصحابة -رضي الله عنهم-. وانظر: "فتح الباري" لابن حجر (١١/ ١٩).
(٥) انظر: "الإقناع" للحجاوي (١/ ٣٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>