(عن) أبي مسلمٍ (سلَمَةَ) -بفتح اللام- بنِ عمرِو (بنِ الأكوع) -بفتح الهمزة وسكون الكاف وفتح الواو، ونُسِبَ لجده مجازًا، واسم الأكوع: سنانُ بنُ عبدِ الله بنِ قُشَير -بضم القاف وفتح الشين المعجمة وسكون الياء- بنِ خزيمةَ الأسلميُّ المدنيُّ، كان ممن بايع تحتَ الشجرة، وبايع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يومئذ ثلاثَ مرات، في أول الناس، وأوسطهم، وآخرهم، وكان (- رضي الله عنه -) من أشد الناس وأشجعهم رَاجِلًا، ويُقالُ: إنه الذي كلمه الذئب.
قال سلمةُ: رأيت الذئبَ قد أخذ ظَبْيًا، فطلبته حتى نزعتُه منه، فقال: وَيْحَكَ! مالي ومالك؟! عمدتَ إلى رزقٍ رزقنيهِ اللهُ تعالى تنزعُه مني قال: فقلت: يا عبدَ الله! إن هذا لعجيب، ذئب يتكلم! فقال الذئب: أعجبُ من هذا أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في أصول النخل يدعوكم إلى عبادة الله تعالى، وتأبون إلَّا عبادة الأوثان، قال: فلَحِقْت برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأسلمت (١).
قال ابن عبد البر وغيرُه: كلَّمَ الذئبُ من الصحابة ثلاثةً: رافعَ بنَ عَميرة، وسلمةَ بنَ الأكوع، وأهبان بن أوس.
قال أبو بكر عبدُ الله بنُ أبي داود السجستاني الحافظ: فيقال لأهبان: مكلم الذئب، وأولاده: أولاد مكلم الذئب.
قال ابن عدي: ولذلك تقول العرب: هو كذئب أهبان، يتعجبون منه، وذلك أن أهبان بن أوس [كان] في غنم له، فشدَّ الذئب على شاة منها، فصاح بن أهبان، فأقعى الذئب، وقال له: أتنتزعُ مني رزقًا رزقنيه الله تعالى؟! قال أهبان: ما سمعتُ ولا رأيتُ أعجبَ من هذا الذئب الذي يتكلم، فقال الذئب: أتعجب من هذا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينَ هذه النخلات -