قال عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: (وعرضت عليه)؛ أي: على النبي - صلى الله عليه وسلم - (يومَ) وقعة (الخندق) الذي خندق به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه وعلى أصحابه من أعداء الله لما ساروا إليه، وهم الأحزاب، وكانوا عشرة آلاف، وكان الذي أشار بحفر الخندق سلمان الفارسي - رضي الله عنه -، قال: يا رسول الله! إنا كنا بأرض فارس إذا تخوفنا الخيل، خندقنا علينا، فأعجبهم ذلك (١)، وأحبوا الثبات في المدينة، وأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجدِّ، ووعدهم النصرَ إن هم صبروا واتقوا، وأمرهم بالطاعة، ولم تكن العرب تُخنْدِقُ عليها. ثمَّ إنه - صلى الله عليه وسلم - ارتادَ له موضعًا ينزله، فكان أعجب المنازل إليه أن يجعل سَلْعًا الجبل خلفَ ظهره، ويخندق من المَذَادِ إلى ذُباب إلى راتج.
فالمَذاد: أطمٌ بني حرام غربي مسجد الفتح -وهو بميم مفتوحة فذال معجمة فألف فدال مهملة-. والذِبَاب: -كغراب وكتاب-: اسم جبل بالمدينة.
وراتِج: -براء فألف ففوقية مكسورة فجيم-: أطم سميت به الناحية.
فعمل الصحابة في الخندق مستعجلين يبادرون قدوم العدو عليهم، واستعاروا آلة للحفر من بني قريظة، ووكل - صلى الله عليه وسلم - بكل جانب من الخندق قومًا يحفرونه، فكان المهاجرون من ناحية راتِج إلى ذباب، وكانت الأنصار يحفرون من ذباب إلى جبل أبي عبيدة.
وتنافس المهاجرون والأنصار في سلمان -رضي الله عنه وعنهم