للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قال) - صلى الله عليه وسلم - مجيباً للسائل: (لا ينصرفْ) - بالجزم - على النهي، ويجوز - الرفعُ - على أن "لا" نافية (١).

وفي رواية للبخاريْ: "لا ينفتلْ، أو لا ينصرفْ" بالشكِّ من الراوي (٢).

قال الحافظ ابن حجر: وكأنه من علي؛ يعني: ابنَ عبد الله المدينيَّ العَلَمَ المشهور -، قال: لأن الرواة غيره رووه عن سفيان بلفظ: "لا ينصرف" من غير شكٍ (٣)، يعني: بل يمضي في صلاته، ولا يلتفت إلى ما تخيل إليه.

(حتى)؛ أي: إلى أن (يسمعَ صوتاً)؛ أي: من مخرجه، (أو يجدَ ريحاً) "أو": للتنويع، وعبر بالوجدان دون الشم؛ ليشمل كما لو لمس المحل، ثم شم يده، ولا حجة فيه لمن استدل به على أن لمس الدبر لا ينقض؛ لحمل الصورة على لمسِ ما قاربَ حلقةَ الدبر، لا عينَها، والذي ينقض الطهارة لمسُ حلقة الدبر دونَ ما قاربها.

ودل هذا الحديث على صحة الصلاة ما لم يتيقن الحدث، وليس المراد تخصيص هذين الأمرين - أعني: سماعَ الصوتِ، ووِجْدانَ الريحِ باليقين -؛ لأن المعنى إذا كان أوسع من اللفظ، كان الحكم للمعنى، قاله الخطابي (٤).

وقال النووي: هذا الحديث أصلٌ في حكم بقاء الأشياء على أصولها


(١) انظر: "النكت على العمدة" للزركشي (ص: ٤٢).
(٢) تقدم تخريجه عنده برقم (١٣٧) في حديث الباب.
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٢٣٨).
(٤) انظر: "معالم السنن" للخطابي (١/ ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>