للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاب الجمهور عن الحديث: بأن المؤمن طاهر الأعضاء؛ لاعتياده مجانبة النجاسة؛ بخلاف المشرك؛ لعدم تحفظه عن النجاسات.

وعن الآية: بأن المراد أنهم نجس في الاعتقاد، ولاستقذار رائحتهم، فإن الله أباح نكاح نساء أهل الكتاب، ومعلومٌ أن عَرَقهن لا يسلم منه مَنْ يضاجعهن؛ ومع ذلك لم يجب عليه من غسل الكتابية إلا مثلُ ما يجب عليه من غسل المسلمة؛ فدل على أن الآدمي الحيَّ ليس بنجس العين، وكذا الميت، على الصحيح المعتمد؛ لظاهر قوله - تعالى -: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: ٧٠]، فمن كرامته: طهارة عينه حياً وميتا (١).

قال ابن دقيق العيد: قد استُدل بهذا الحديث على طهارة الميت من بني آدم، وهي مسألة مختلَف فيها.

والحديث دل بمنطوقه على أن المؤمن لا ينجس، فمنهم من خص هذه الفضيلة بالمؤمن، والمشهور التعميم.

قال: وبعضُ الظاهرية يرى أن المشرك نجس في حال حياته، آخذاً بظاهر قوله - تعالى -: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: ٢٨].

ويقال للشيء: إنه نجس، بمعنى: أن عينه نجسة. ويقال فيه: إنه نجس، بمعنى: أنه متنجس بإصابة النجاسة له.

ويجب أن يُحمل الحديث على المعنى الأول، وهو أن عينه لا تصير نجسة، وأما بالمعنى الثاني، فيمكن أن تصيبه نجاسة فيتنجس (٢).


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٣٩٠).
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>