للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عن) أم المؤمنين (عائشة) الصديقة (- رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة)، أي: إذا أراد أن يغتسل؛ كما في قوله - تعالى -: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [النحل: ٩٨]. أو إذا شرعَ في الغسل، فإنه يقال: فعل: إذا فرغ، وإذا شرع.

فإذا حملنا اغتسل على شرعَ، صح ذلك؛ لأنه يمكن أن يكون الشروع وقتاً للبداءة بغسل اليدين، وهذا بخلاف قوله - تعالى -: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [النحل: ٩٨]؛ فإنه لا يمكن أن يكون وقت الشروع في القراءة هو وقت الاستعاذة؛ كما أشار إليه ابن دقيق العيد (١).

و"من" في قولها: من الجنابة: سببية، و"كان" تفيد تكرار هذا الفعل منه - صلى الله عليه وسلم -، كما هو الغالب على دلالتها. وقد تفيد مجرد وقوع الفعل من غير تكرار، وهذا غير الغالب (٢).

(غسل يديه) يحتمل أن يكون غسلهما للتنظيف من مَسِّ مستقذَر؛ كما يأتي في حديث ميمونة تقويته، ويحتمل أن يكون هو الغسل المشروع عند القيام من النوم، ويدل عليه زيادة ابن عُيينة في هذا الحديث: قبل أن يدخلهما في الإناء.


= المعلم" للقاضي عياض (٢/ ١٥٥)، و"المفهم" للقرطبي (١/ ٥٧٦)، و"شرح مسلم" للنووي (٣/ ٢٢٨)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ٩١)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (١/ ٢٠٣)، و"فتح الباري" لابن رجب (١/ ٢٣٣، ٣١٠)، و"طرح التثريب" للعراقي (٢/ ٨٧)، و"فتح الباري" لابن حجر (١/ ٣٦٠)، و"عمدة القاري" للعيني (٣/ ١٩١)، و"سبل السلام" للصنعاني (١/ ٨٩)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (١/ ٣٠٦).
(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ٩١).
(٢) المرجع السابق، الموضع نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>