للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به في ثيابهم وأبدانهم، ولا يأمرهم يومًا من الأيام بغسله، وهم يعلمون الاجتزاء بمسحه وفركه.

قال: والآثار -بحمد الله- في هذا الباب متفقة لا مختلفة، وشروط الاختلاف منتفية بأسرها عنها. وقد تقدم من صدور الغسل تارةً، والمسح والفرك تارةً، وهذا لا يدل على تناقض، ولا اختلاف أَلبتة، ولا على نجاسة المني، بل على طهارته.

قال ابن القيم -بعد أن أبطل أدلة المنجِّسين له-: فظهر أن النظر لا يوجب نجاستَه، والآثار تدل على طهارته، وقد خلق الله الأعيانَ على أصل الطهارة؛ فلا ينجس منها إلا ما نجسه الشرع، وما لم يعلم تنجُّسه من الشرع، فهو على أصل الطهارة، والله أعلم (١).

تنبيه:

إن قيل: فضلاتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - طاهرةٌ، فكيف يُستدل بطهارة منيِّه - صلى الله عليه وسلم - على طهارة المني؟

فالجواب: أن منيَّه كان يختلط مع مني نسائه، ومع ذلك لم يجب غسله، فدل على طهارة المني، وأيضًا بقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: "إنما هو بمنزلة المخاط ... " الحديث (٢)، فظهر دليل الطهارة، والله الموفق.

* * *


(١) انظر: "بدائع الفوائد" لابن القيم (٣/ ٦٤٦ - ٦٤٧).
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>