(فلم أجد الماء) لأغتسل به من جنابتي، (فتمرغت في الصعيد)؛ أي: التراب (كما تَمَرَّغُ الدابة) -بفتح المثناة وضم الغين المعجمة-، وأصله: تتمرغ، فحذفت إحدى التاءين تخفيفًا.
وفي الرواية الأخرى: فتمَعَّكْتُ في التراب (١)؛ أي: تقلبت.
وكأنه - رضي الله عنه - استعمل القياسَ في هذه المسألة؛ لأنه لما رأى أن التيمم إذا وقع بدل الوضوء، وقع على هيئة الوضوء، رأى أنَّ التيمم عن الغسل يقع على هيئة الغسل.
ويستفاد منه: وجودُ اجتهاد الصحابة في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، وأن المجتهد لا لومَ عليه حيثُ بذل وُسْعَهُ، وإن لم يصب الحقَّ، وأنه إذا عمل بالاجتهاد، لا يجب عليه الإعادة.
وقال ابن حزم الظاهري: في هذا الحديث إبطالٌ للقياس؛ لأن عمارًا قدَّر أنَّ المسكوت عنه من التيمم للجنابة، حكمُه حكمُ الغسل للجنابة؛ إذ هو بدل عنه، فأبطل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وأعلمَهُ أن لكل شيء حكمَه المنصوصَ عليه فقط.
والجواب عمَّا زعم: أن الحديثَ دلّ على بطلان هذا القياس الخاصِّ، ولا يلزم من بطلان الخاص بطلان العام.
والقائلون بالقياس لا يعتقدون صحةَ كلِّ قياس، على أن الأصل الذي هو الوضوء قد أُلغي فيه مساواةُ البدل له، فإن التيمم لا يعمُّ جميعَ أعضاء الوضوء، وحيث أُلغيت مساواة بدل الأصل، فلأَنْ تُلْغى في الفروع أولى.
بل لقائلٍ أن يقول: في الحديث دليلٌ على صحة أصلِ القياس؛ لقوله -
(١) وهي رواية البخاري ومسلم، وقد تقدم تخريجها في حديث الباب.