للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحتمل أن يكون دعاؤه قومه إلى التوحيد بلغ بقية الناس، فتمادَوْا على الشرك، فاستحقوا العقاب، وإلى هذا نحا ابنُ عطية في تفسير سورة هود - عليه السلام -، قال: وغير ممكن أن نبوته لم تبلغ القريب والبعيد؛ لطول مدته (١).

ووجه ابن دقيق العيد: بأن توحيد الله تعالى يجوز أن يكون عامًا في حق الأنبياء، وإن كان التزامُ فروع شريعتِه ليس عامًا؛ فإن منهم من قاتل غيرَ قومه على الشرك وعبادةِ غير الله -عز وجل-، ولو لم يكن التوحيد لازمًا لهم، لم يقاتلوا، ولم يقتلوا، إلا على طريقة المعتزلة القائلين بالحسن والقبح العقلِيَّيْنِ.

ويجوز أن تكون الدعوة على التوحيد عامة، لكن على ألسنة أنبياء متعدِّدة، فيثبت التكليفُ به على سائر الخلق، وإن لم تعم الدعوة به بالنسبة إلى نبي واحد، انتهى (٢).

ويحتمل: أنه لم يكن في الأرض عند إرسال نوح إلا قومُه، فبعثتُه خاصة؛ لكونها إلى قومه فقط، وهي عامة في الصورة؛ لعدم وجود غيرهم.

لكن لو اتفق وجودُ غيرهم، لم يكن مبعوثًا إليهم، وقائل هذا كأنه غَفَل عن آخر الحديث كما قدمناه، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وكانَ كلُّ نبيٍّ يُبعث إلى قو مِه " ... الحديث (٣).


(١) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (٣/ ٤٢٠) عند تفسير قوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ ...} الآية [هود: ٣٦].
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ١١٤).
(٣) انظر فيما ذكره الشارح: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٤٣٦ - ٤٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>