للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم يَفُتْه مشهدٌ، وكان من حكمة تقدير الحكيم العليم أن قَتَلَ بلالٌ - رضي الله عنه - أميَّةَ بنَ خلف الذي كان يُعذبه يومَ بدر.

فبلالٌ قرشيٌّ تيميٌّ، وقد عد الحافظ ابن الجوزي ذلك في مناقب الصدِّيق، فقال: جاز أبو بكر على بلال وهو يُعَذَّب، فجذبَ مغناطيسُ صَبْرِ بلالٍ حديدَ صدقِ الصدِّيق، فلم يبرح حتى اشتراه، وكسرَ قفصَ حبسه، فكان عمر يقول: أبو بكرٍ سيدُنا، وأعتقَ بلالًا سيدَنا (١).

قال ابن الجوزي: تعب -يعني: الصديقَ- في المكاسب، فنالها حلالًا، ثم أنفقها حتى جعل في النساء خَلالًا، ثم حاز من خلال المكرمات خِلالًا، قال له الرسول: أسْلِمْ، فكان الجواب: نعم بلا لا، ولو لم يفعل في الإسلام إلا أنه أعتق بلالًا. [من الوافر]

أَبُو بَكْرٍ حَبَا فِي اللهِ مَالاَ ... وَأَعْتَقَ في مَحَبَّتِهِ بِلاَلاَ

وَقَدْ وَاسَى النَّبِيَّ بِكُلْ فَضْلٍ ... وَأَسْرَعَ في إِجَابَتِهِ بِلاَلاَ

لَوَ أَنَّ الْبَحْرُ يَقْصُدُهُ بِبُغْضٍ ... لَمَا تَرَكَ الإِلَهُ بِهِ بِلاَلاَ

قال ابن الجوزي في "منتخب المنتخب": لم يَفُتْ بلالًا مشهد، وهو أولُ من أَذَّنَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان خازنَه على بيت ماله، فلما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال لأبي بكر: أعتقتني لله أو لنفسك؟ قال: لله، قال: فَأْذَنْ لي حتى أغزوَ، فأذِنَ له، فذهب إلى الشام (٢).


(١) رواه البخاري (٣٥٤٤)، كتاب: فضائل الصحابة، مناقب بلال بن رباح مولى أبي بكر - رضي الله عنهما -.
(٢) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (٢٠٤١٢)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٣/ ٢٣٦)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ١٥٠)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٤١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>