للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في "الفروع": ومن ذكرَ الإجماعَ على أنه مستحب، فمرادُه ثبوتُ استحبابه، لا نفيُ وجوبه. انتهى (١).

وفي "الفتح": على قول البخاري: إثم من لم يُتم الصفوف، تُعقب: بأن الإنكار قد يقع على ترك السنة، فلا يدل ذلك على حصول الإثم.

وأجيب: بأنه لعله - حمل الأمر في قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: ٦٣] على أن المراد بالأمر: الشأن والحال، لا مجردُ الصيغة، فيلزم منه أن من خالف شيئًا من الحال التي كان - صلى الله عليه وسلم - عليها أن يأثم؛ لما يدل عليه الوعِيد المذكور في الآية. وإنكار أنس ظاهر في أنهم خالفوا ما كانوا عليه في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - من إقامة الصفوف، فعلى هذا تستلزم المخالفة التأثيم. هذا ملخص كلام ابن رشـ[ـيـ]ـد.

وضعفه في "الفتح"؛ بأنه يفضي إلى أنه لا يبقى شيء مسنون؛ لأن التأثيم إنما يحصل عن ترك واجب.

وقولُ ابن بطال: لما كان تسويةُ الصفوف من السنن المندوب إليها التي يستحق فاعلُها المدحَ عليها، دلَّ على أن تاركها يستحقُّ الذم، متعقَّبٌ من جهة أنه لا يلزم من ذم تارك السنة أنه يكون آثمًا، ولئن سلم، لزم علياا ما قبله من التعقب.

ويحتمل أن البخاري إنما أخذ الوجوبَ المترتِّبَ على تركِه الإثمُ من صيغة الأمر في قوله: "سَوُّوا"، ومن عموم قوله: "صَلُّوا كما رأيتُموني أُصَلِّي" (٢)، ومن ورود الوعيد على تركه، فترجَّح عنده بهذه القرائن: أن


(١) انظر: "الفروع" لابن مفلح (١/ ٣٥٨).
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>