للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -): أنه (قال: إنما جعل). إنما: تفيد الحصر، وبناء جُعل للمجهول، والفاعل الشارع.

والمراد من هذا: أن الائتمام يقتضي متابعة المأموم لإمامه، فتنتفي المقارنة، والمسابقة، والمخالفة، إلا ما دل الدليل الشرعي عليه (١).

(الإمام):-بالرفع- نائب الفاعل.

(ليؤتم) -بالبناء للمفعول-، أي: يُقتدى (به)؛ أي: الإمام، يعني: جعل الشارع الإمام ليقتدي به المأموم، ويتبع صلاته، بحيث أن يوقع أفعالها بعد أفعال إمامه؛ لأن من شأن التابع ألا يسبق متبوعه، ولا يساويه، ولا يتقدم عليه في موقفه، بل يراقب أحواله، ويأتي على أثره بنحو فعله. ومقتضى ذلك: ألا يخالف في شيء من الأحوال (٢).

(فلا تختلفوا) -معشر المأمومين- (عليه)؛ أي: الإمام في سائر أفعاله الظاهرة، بخلاف النية، فإنها من أعمال القلوب، فلا يضر تقدمها.

(فإذا كبر) الإمام تكبيرة الإحرام.

(فكبروا) أنتم بعده، فالفاء للتعقيب، كما جزم بذلك ابن بطال (٣)، وابن دقيق العيد (٤).

ويفيد ذلك: وجوب وقوع التكبيرة كالأفعال من المأموم عقب الإمام.

ولكن تعقب ذلك: بأن الفاء التي للتعقيب هي العاطفة، وأما هنا، فهي


= السلام" للصنعاني (٢/ ٢٢)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (٣/ ١٧٠).
(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ١٧٤).
(٢) المرجع السابق (٢/ ١٧٨).
(٣) المرجع السابق (٢/ ١٧٩).
(٤) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>