للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: لو ابتدأ الإمام الصلاة جالساً لعذرٍ يبيح ذلك، فصلى المأمومون خلفه قياماً، صحت صالاتهم في أحد الوجهين. وقيل: لاتصح، أومأ إليه الإمام أحمد؛ وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بالجلوس، ونهاهم عن القيام، فقال في حديث جابر: "إذا صلى الإمام قاعداً، فصلوا قعوداً، وإذا صلى قائماً، فصلوا قياماً، ولا تقوموا والإمام جالس، كما يفعل أهل فارس بعظمائها"، فقعدنا (١).

ولأنه ترك الاقتداء بإمامه مع القدرة عليه، أشبه تارك القيام في حال قيام إمامه.

ومعتمد المذهب: الصحة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - صلى وراءه قوم قياماً، فلم يأمرهم بالإعادة، فيحمل الأمر على الندب والاستحباب، ولأنه تكلف القيام في موضع يجوز له الجلوس فيه أشبه المريض إذا تكلف (٢).

وأبدى في "الشرح الكبير" وجهاً: وهو أن تصح صلاة الجاهل بوجوب القعود دون العالم، كما قالوا في الذي ركع دون الصف (٣)، والله الموفق.

الرابع: زاد مسلم في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بعد قوله: "فصلوا جلوساً أجمعون" -في طريق أخرى-: "وإذا صلى قائماً، فصلوا قياماً" (٤).


(١) رواه أبو داود (٦٠٢)، كتاب: الصلاة، باب: الإمام يصلي من قعود، وابن خزيمة في "صحيحه" (١٦١٥)، وأبو يعلى في "مسنده" (١٨٩٦)، وابن حبان في "صحيحه" (٢١١٢). ورواه مسلم (٤١٣)، كتاب: الصلاة، باب: ائتمام المأموم بالإمام، بلفظ نحوه.
(٢) انظر: "المغني" لابن قدامة (٢/ ٢٨).
(٣) انظر: "الشرح الكبير" لابن أبي عمر (٢/ ٥٠).
(٤) تقدم تخريجه برقم (٤١٧) عنده.

<<  <  ج: ص:  >  >>