للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٢٧٩٣ - حدثنا عيسى بن أحمد البلخي والربيع بن سليمان قالا: حدثنا بشر بن بكر، قال حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الدمشقي (١)، عن يحيى بن جابر الحمصي، قال: حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي، حدثني أبي أنَّه سمع النواس بن سمعان الكلابي يقول: ذكر رسول الله الدجال ذات غداة، فخفض فيه ورفع (٢)، حتى ظنناه فى طائفة النخل (٣)، فلما رُحنا إلى رسول الله عرف ذلك فينا، قال: "ما شأنكم؟ " قلنا: يا رسول الله ذكرت الدجال الغداة خفضت في أمره ورفعت، حتى ظننّاه في ول ئفة النخل. قال: "غير الدجال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم، فامرؤ حجيجُ نفسه، والله خليفتي على كل مسلم. إنَّه شاب قطط (٤)، عينه قائمة كأنه شبهه

⦗١٩٨⦘

بعبد العزى بن قطن (٥)، فمن رآه منكم؛ فليقرأ فواتح سورة الكهف"، ثم قال: "أراه يخرج من خلةٍ (٦) ما بين الشام والعراق، فعاث (٧) يمينا، وعاث شمالا، يا عباد الله اثبتوا". قلنا يا رسول الله: فما لبثه في الأرض؟ قال: "أربعين يوما، يومٌ كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم". قلنا يا رسول الله؟ ذلك اليوم الذي كسَنَة تكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: "لا، اقدروا له قدره"، قلنا: يا رسول الله فما إسراعه في الأرض، قال "كالغيث استدبرته الريح"، قال: "فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به، ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، ويأمر

⦗١٩٩⦘

الأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم (٨) أطول ما كانت ذرًّا (٩)، وأسبغه (١٠) ضروعا، وأمده خواصرا (١١)، ثم يأتى القوم؛ فيدعوهم، فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فتتبعه أموالهم، فيصبحون ممحلين (١٢) ما بأيديهم شيء.

يمر بالخربة، فيقول لها: أخرجي كنوزك، فينطلق تتبعه كنوزها كيعاسيب (١٣) النحل، ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابًا، فيضربه بالسيف،

⦗٢٠٠⦘

فيقطعه جزلتين (١٤) رمية الغرض (١٥)، ثم يدعوه، فيقبل متهلل وجهه، يضحك، فبينا هو كذلك، إذ بعث الله المسيح ابن مريم ، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق (١٦) في مهروذتين (١٧)، واضعا

⦗٢٠١⦘

كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفع تحدر منه جمان (١٨) كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ينتهي (١٩) حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه عند باب لدّ (٢٠)، فيقتله، ثم يأتي نبي الله عيسى قوما قد عصمهم الله منه، فيمسح على وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم فى الجنة، فبيناهم كذلك، إذ أوحي إلى عيسى أني قد أخرجت عبادًا لي لا يدَانِ (٢١) لأحد بقتالهم، فحَرِّز عبادي إلى الطور (٢٢).

ويبعث الله يأجوج ومأجوج (٢٣)، وهم من كل حدب ينسلون (٢٤)،

⦗٢٠٢⦘

فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية (٢٥)، فيشربوا ما فيها، فيمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء، ويحصر نبي الله - صلى الله عليه - وأصحابه، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خير من مئة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبى الله عيسى وأصحابه إلى الله ﷿، فيرسل عليهم النغف (٢٦) في رقابهم، فيصبحون فَرْسَى (٢٧) كموت نفس واحدة، ويهبط نبي الله عيسى وأصحابه، فلا يجدون موضع شبر إلا وقد ملأه زهمتهم (٢٨) ونتنهم ودمائهم، ويرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله ﷿، فيرسل عليهم طيرًا كأعناق البخت (٢٩)، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطرا لا يكن فيه مدر (٣٠) ولاوبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلقة (٣١)، ثم يقول للأرض: ائتى ثمرك، وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة (٣٢) من الرمانة، ويستظلون

⦗٢٠٣⦘

بقحفها (٣٣)، ويبارك في الرسل (٣٤)، حتى إنَّ اللقحة (٣٥) من الإبل لتكفى الفئام من الناس، واللقحة من البقر تكفي القبيلة، واللقحة من الغنم تكفي الفخذ (٣٦)، فبيناهم كذلك؛ إذ بعث الله ﷿ ريحا طيبة، تأخذ تحت آباطهم، فتقبض روح كل مسلم، ويبقى شر الناس، يتهارجون (٣٧) كما يتهارج الحمر، عليهم تقوم الساعة" (٣٨).


(١) موضع الالتقاء هو عبد الرحمن بن يزيد.
(٢) اختلف في قوله: "فخفض فيه ورفع" على قولين:
الأول: أن النبي أكثر الكلام في شأنه فتارة يرفع صوته ليسمع من بعد، وتارة يخفض ليستريح من تعب الجهر.
الثاني: أن قوله: "خفض فيه" أي حقر من شأنه. وقوله: "ورفع" أي تعظيم فتنته، وأنه ليس بين يدي الساعة أحد أعظم فتنة من الدجال.
انظر: المفهم (٧/ ٢٧٦)، إكمال المعلم (٨/ ٤٨٢)، شرح صحيح مسلم للنووي (١٨/ ٨٦)، تكملة فتح الملهم (٦/ ٢٨٧).
(٣) أي ناحيته وجانبه. (انظر: دليل الفالحين ٤/ ٦٣٣).
(٤) قطط -بفتح القاف والطاء- أي: شديد جعودة الشعر مباعد للجعودة. (شرح صحيح مسلم=

⦗١٩٨⦘
=للنووي ١٨/ ٨٧).
(٥) قال الإمام الطيبي : قيل إنَّه كان يهوديا، ولعل الظاهر أنه مشرك لأن العزى اسم صنم. يؤيده ما جاء في بعض الحواشي: هو رجل من خزاعة هلك في الجاهلية. ا هـ (شرح الطيبي على مشكاة المصابيح. ١٠/ ١١١).
وروى البخاري في صحيحه (أحاديث الأنبياء رقم ٣٤٤١) بسنده عن الزهري، قال: رجل من خزاعة هلك في الجاهلية. وانظر: فتح الباري (٦/ ٥٦٣).
وقال الحافظ ابن حجر: والمحفوظ أنه عبد العزى بن قطن، وأنه هلك في الجاهلية، كما قال الزهري ا هـ. (الفتح ١٣/ ١٠٨).
(٦) بفتح الخاء المعجمة واللام وتنوين الهاء: أي الطريق. انظر: النهاية (٢/ ٧٣)، شرح صحيح مسلم للنووي (١٨/ ٨٧ - ٨٨)، المفهم ٧/ ٢٧٩)، تكملة فتح الملهم (٦/ ٢٩١).
(٧) العيث: الفساد أو أشد الفساد والأسرع فيه. انظر: المفهم ٧/ ٢٧٩)، شرح صحيح مسلم للنووي (١٨/ ٨٨).
(٨) السارحة: هي الماشية. انظر: المفهم (٧/ ٢٨١)، شرح صحيح مسلم للنووي (١٨/ ٨٩)، شرح الطيبي على المشكاة (١٠/ ١١٣).
(٩) الذرى بضم الذال المعجمة -الأعالي والأسنمة- انظر: المصادر السابقة.
(١٠) أي أتمه واعظمه لكثرة لبنها. (انظر: تهذيب اللغة ١/ ٢٩٧)، مشارق الأنوار ٢/ ٢٠٥).
(١١) جمع خاصرة. ومدها كناية عن الإمتلاء من الشبع. انظر: المفهم (٢٨١/ ٧)، شرح صحيح مسلم للنووي (١٨/ ٨٩)، شرح الطيبي على المشكاة (١٠/ ١١٣).
(١٢) أي أصابهم المحل، وهو إنقطاع المطر ويبس الأرض من الكلاء، وهو القحط والشدة. انظر: المفهم (٧/ ٢٨١)، شرح الطيبي على المشكاة (١٠/ ١١٣)، مشارق الأنوار (١/ ٣٧٤).
تنبيه: وجاء في الأصل "مملخلين" وهو خطأ والصواب ما أثبته كما في صحيح مسلم.
(١٣) أي جماعتها واليعسوب: هو أمير النحل الذي إذا طار تبعته جماعته.
قال الإمام القرطبي: ووجه التشبيه أن يعاسيب النحل يتبع كل واحد منهم طائفة من النحل، فتراها جاعات في تفرقة، فالكنوز تتبع الدجال كذلك ا هـ. المفهم (٧/ ٢٨٢)، وانظر: إكمال المعلم (٨/ ٤٨٤)، شرح صحيح مسلم (١٨/ ٨٩)، مشارق الأنوار (٢/ ٣٠٥).
(١٤) أي قطعتين. انظر المصادر السابقة.
(١٥) الغرض: هو الهدف الذي يرمى فيه. (انظر: مختار الصحاح ص ٤٨٢).
واختلف في قوله: "رمية الغرض " على قولين:
الأول: أنه يفرق جسمه في قطعتين بينهما مسافة بقدر رمية الغرض.
الثاني: أن المراد كرمية الغرض في السرعة والإصابة.
انظر: إكمال المعلم (٨/ ٤٨٤)، المفهم ٧/ ٢٨٢)، شرح صحيح مسلم (١٨/ ٩٠)، تكملة فتح الملهم (٦/ ٣٠٢).
(١٦) قال الإمام ابن كثير : "هذا هو الأشهر في موضع نزوله، أنه على المنارة البيضاء الشرقية بدمشق، وقد رأيت في بعض الكتب أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي جامع دمشق فلعل هذا هو المحفوظ، وتكون الرواية: فينزل على المنارة البيضاء الشرقية جامع دمشق فتصرف الراوي في التعبير بحسب ما فهم، وليس بدمشق منارة تعرف بالشرقية سوى التي إلى شرق الجامع الأموي، وهذا هو الأنسب والأليق، لأنه ينزل وقد أقيمت الصلاة فيقول له: يا إمام المسلمين: يا روح الله، تقدم، فيقول: تقدم أنت فإنها أقيمت لك، .... وقد جدد بناء هذه المنارة في زماننا سنة إحدى وأربعين وسبعمائة من حجارة بيض، .... ولعل هذا يكون من دلائل النبوة الظاهرة". (النهاية في الفتن والملاحم ص ٩٨).
(١٧) هكذا بالذال المعجمة وروي بالدال المهملة -وهو أكثر-، والمعنى: أي لابس ثوبين مصبوغين بالصفرة، وكأنه الذي صبغ بالهردي. انظر: المفهم (٧/ ٢٨٢ - ٢٨٣)، التذكرة للقرطبي ٣/ ١٣١٢)، شرح صحيح مسلم (٨/ ٩٠)، إكمال المعلم=

⦗٢٠١⦘
= (٨/ ٤٨٥)، شرح الطيبي على المشكاة (١٠/ ١١٤).
(١٨) الجمان: هي ما استدار من اللؤلؤ والدر، ويستعاد لكل ما استدار من الحلي.
(انظر: المفهم ٧/ ٢٨٤)، التذكرة للقرطبي (٣/ ١٣١٣).
(١٩) جاء في صحيح مسلم "ونفسه ينتهي".
(٢٠) بضم اللام وتشديد الدال: وهي بلدة قريبة من بيت المقدس. انظر: (شرح صحيح مسلم للنووي ١٨/ ٩١).
(٢١) مثنى يد، والمعنى لا قدرة ولا طاقة. (المصدر السابق).
(٢٢) أي ارتحل بهم إلى جبل يحرزون - (يحفظون) فيه أنفسهم- والطور: الجبل بالسريانية. انظر: المفهم (٧/ ٢٨٥)، التذكرة (٣/ ١٣١٣)، شرح صحيح مسلم للنووي (١٨/ ٩١).
(٢٣) قال الحافظ ابن حجر : يأجوج ومأجوج قبيلتان من ولد يافث بن نوح. (فتح الباري ٦/ ٤٤٤)، وانظر: تفسير ابن كثير (٥/ ١٩٢)، المفهم (٧/ ٢٠٧).
(٢٤) الحدب: أي النشز، وقوله: (ينسلون): أي يمشون مسرعين. (ناظر: المفهم (٧/ ٢٨٥)، شرح صحيح مسلم للنووي (١٨/ ٩٢).
(٢٥) البحيرة تصغير البحر. وهي (بحيرة طبرية) من أعمال الأردن في طرف الغور وفي طرف الجبل، وجبل الطور مطل عليها. انظر: (تكملة فتح الملهم ٦/ ٣٠٥).
(٢٦) النغف: دود يكون في أنوف الإبل والغنم. انظر: (المفهم ٧/ ٢٨٥، شرح صحيح مسلم للنووي ١٨/ ٩٢).
(٢٧) أي قتلى. (انظر: المصادر السابقة).
(٢٨) أي دسمهم ورائحتهم الكريهة. (انظر: المصادر السابقة).
(٢٩) الأنثى من الجمال بختية، والذكر بختي، وهي جمال طوال الأعناق. انظر: (النهاية ١/ ١٠١).
(٣٠) المدر هو الطين الصلب. انظر: (شرح صحيح مسلم للنووي ١٨/ ٩٢).
(٣١) هى الأرض الملساء التي لا شيء فيها. انظر: (المفهم ٧/ ٢٨٦).
(٣٢) الجماعة. (شرح صحيح مسلم للنووي ١٨/ ٩٢).
(٣٣) أي قشرها. (شرح صحيح مسلم للنووي ١٨/ ٩٢).
(٣٤) أي اللبن. (المصدر السابق).
(٣٥) أي ذات اللبن - وهي قريبة العهد بالولادة - (المصدر السابق).
(٣٦) بإسكان الخاء وهم الجماعة من الأقارب - دون القبيلة وفوق البطن - (المصدر السابق).
(٣٧) أي يجامع الرجال النساء بحضرة الناس كما يفعل الحمير، ولا يكترثون لذلك، وقيل: بمعنى يتقاتلون، وهذا اختيار ابن حجر. انظر: (شرح صحيح مسلم للنووي ١٨/ ٩٣)، فتح الباري ١٣/ ١٩).
(٣٨) أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الفتن، باب ذكر الدجال وصفته ٤/ ٢٢٥٠ رقم ١١٠)، من طريق الوليد بن مسلم، قال: حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر به.
فوائد الاستخراج:
- متابعة بشر بن بكر في روايته للوليد بن مسلم - عند الإمام مسلم -، والوليد بن مسلم ثقة، يدلس تدليس التسوية، (التقريب ص ٥٨٤). وقد عنعن في بعض طبقات الإسناد، وجاءت متابعة بشر بن بكر في رواية المصنف، لتثبت صحة رواية الإمام مسلم، وسلامتها من الإعلال.
- جاء عند مسلم (عينه طافئه) وجاء تفسير ذلك في رواية المصنف - (قائمه) - أي بارزة. قال الإمام القرطبي : طفا يطفو: إذا علا فهي طافية، أي قائمة جاحظة =

⦗٢٠٤⦘
= كما جاء في بعض ألفاظ الحديث. اهـ (المفهم ٧/ ٢٧٧)، وانظر: شرح الطيبي على المشكاة (١٠/ ١٠٨)، مرقاة المفاتيح (٩/ ٣٧٢)، تكملة فتح الملهم (٦/ ٢٨٣).