(٢) موضع الالتقاء مع مسلم. (٣) هو قتادة بن دعامة السَّدوسي. (٤) قال الحافظ ابن حجر: "قال النووي: هو بإضافة خمس لا بتنوينه، وجوز ابن دقيق العيد الوجهين، وأشار إلى ترجيح الثاني، فإنه قال: رواية الإضافة تشعر بالتخصيص فيخالفها غيرها في الحكم من طريق المفهوم، ورواية التنوين تقتضي وصف الخمس بالفسق من جهة المعنى، فيشعر بأن الحكم المرتب على ذلك وهو القتل معلَّل بما جُعل وصفًا وهو الفسق، فيَدْخُل فيه كل فاسق من الدَّواب، ويُؤَيِّده رواية يونس التي في حديث الباب، قال النووي وغيره: "تسمية هذه الخمس فواسق، تسمية صحيحة جارية على وفق اللغة، فإن أصل الفسق لغةً: الخروجُ، ومنه فَسَقَتِ الرّطبة = ⦗١٤٧⦘ = إذا خَرجت عن قِشرها". فتح الباري (٤/ ٣٧)، شرح النووي على مسلم (٨/ ٣٥٣، ٣٥٤). (٥) الأبقَع: على وزن أَفْعَل، كل ما فيه بياض وسواد فهو أبقع، وأصله: لونٌ يخالف بعضه بعضًا، ومنه الغرابُ الأبقع الذي فيه بياض وسواد. انظر: مشارق الأنوار (١/ ١٩٤). (٦) أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب- (٢/ ٨٥٦، ٦٧) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وابن المثنى، وابن بشار، ثلاثتهم عن غُنْدَر، عن شعبة، عن قتادة به، بمثل لفظ أبي عوانة، إلا أن فيه الحيَّة بَدَلَ العَقْرَب، ويظهر لي -والله أعلم- أن ذكر (الحيّة) بدل (العَقْرب) غير محفوظ، وذلك لما يأتي: أولًا: إيراد مسلم لحديث سعيد بن المسيب عن عائشة ﵂، بعد حديث عبيد الله بن مقسم، عن القاسم عن عائشة ﵂، وحديث القاسم ذكر (العقرب) ولم يذكر (الحية)، مع أن المخرج واحد، قال الإمام مسلم في مقدمة كتابه (١/ ٤): "فأما القسم الأول: فإنا نتوخى أن نقدم الأخبار التي هي أسلم من العيوب من غيرها وأنقى، من أن يكون ناقلوها أهل استقامة في الحديث وإتقان لما نقلوا … ". وكلامه يدلُّ على أن الأحاديث إلى ترد بعد الحديث الأول في الباب ليست في مستواه من ناحية القوة، والخلوّ من العيوب، ولذا فلو خالف الحديث الذي أورده أولَّ الباب حديثًا جاء بعده في لفظ أو إسناد، قُدِّم الحديثُ الأول، إلا إذا وجدت قرينة تَمنع ذلك. ثانيًا: روى هذا الحديث عن عائشة ﵂ خمسة رواة، فيما وقَفْت عليه: الراوي الأول: عُروة بن الزبير، رواه عنه هِشام وابن شهاب الزهري بمثل لفظ = ⦗١٤٨⦘ = أبي عوانة: "خمسٌ فواسق يُقْتَلْنَ في الحِلِّ والحَرَم: الفَأْرَة، والعَقْرَبُ، والحِدَأَةُ، والكَلْبُ العَقُور، والغُرَابُ الأَبْقَع". أما حديث الزهري فأخرجه البخاري (ص ٢٩٥)، ومسلم (٢/ ٢٥٦)، والترمذي (ص ٢٠٤)، والنسائي في الصغرى (ص ٤٤٧)، والكبرى (٢/ ٣٨٨)، والإمام أحمد (٦/ ١٦٤، ٣٣، ٢٥٩)، وابن راهويه في مسنده (٢/ ١٨٥)، والدارمي في مسنده (٢/ ٥٦)، وابن حبان (١٢/ ٤٨، ٤٤٨)، وعبد الرزاق في المصنف (٤/ ٤٤٢)، والطبراني في الأوسط (١/ ١٩٠)، كلهم من طرق عن الزهري، عن عروة به، بمثل لفظ أبي عوانة. أما حديث هشام فأخرجه النسائي في السنن الصغرى (ص ٤٤٧)، وفي الكبرى أيضًا (٢/ ٣٨٦)، والإمام مالك في موطئه (٢/ ٤٦٨ مرسلًا عن عروة)، والإمام أحمد (٦/ ١٢٢، ٢٦١)، والطحاوي (٢/ ١٦٦)، وابن راهويه في مسنده (٢/ ٢٨٩)، والدارقطني في سننه (٢/ ٢٣١)، وأبو عوانة (كتاب الحج ح / ٣٦٢٠، ٣٦٢١، ٣٦٢٢)، وابن أبي داود في مسند عائشة (ص ٨١)، والطبراني في الأوسط (١/ ٢١٦)، كلهم من طرق عن هشام، عن أبيه به، بمثل لفظ أبي عوانة. الراوي الثاني: سعيد بن المسيِّب، وقد رواه عنه قتادة، ورواه عن قتادة شعبة بن الحجاج وقد اختلف عليه فيه: فرواه غندر كما عند مسلم عنه (٢/ ٨٥٦)، ويحيى بن سعيد القطان كما عند النسائي في السنن الصغرى (ص ٤٣٩)، والنضر بن شميل كما عند إسحاق بن راهويه في المسند (٢/ ٥١٥)، بأسانيد صحيحة عنهم عن شعبة بمثل لفظ مسلم: "خمسٌ فواسقُ يُقْتلن في الحِلّ والحَرَم، الحَيَّة والغُراب الأبْقع والفَأْرة والكلبُ العَقورُ والحُدَيّا"، فذكر فيه الحيَّة مكان العقرب. = ⦗١٤٩⦘ = وخالفهما أبو داود الطيالسي كما في مسنده (ص ٢١٤)، ومستخرج أبي عوانة (كتاب الحج ح / ٣٦١٨)، ومسلم بن إبراهيم كما عند الطحاوي (٢/ ١٦٦)، وعمرو بن مرزوق كما في معجم ابن الأعرابي (٢/ ٨٢٣، ح ١٦٨٧)، وأبو عامر العقدي كما عند الطحاوي أيضًا (٢/ ١٦٦)، من طرق عنهم عن شعبة بمثل لفظ أبي عوانة، حيث ذكروا العقرب، ولم يذكرو الحية، ورواية الأخير (أبي عامر العقدي) عن شعبة عند البيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٢٠٩) على الشك بلفظ: "الحيَّة أو العَقْرَب" وهذا الاختلاف القويُّ على شعبة يدل على أن الشك في ذلك منه، لا من تلاميذه. وقد رواه أبو بكر الإسماعيلي في معجم أسامي شيوخه (ح ٢١٢)، عن أبي يعقوب القطيعي، عن أبي بجير محمد بن جابر، عن يحيى بن يعلى، عن يعلى ابن الحارث، عن بكر بن وائل عن سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن المسيب بمثل لفظ مسلم، فذكر فيه الحيّة مكان العقرب، قال ابن القيْسراني في أطراف الغرائب (٥/ ٤٢٦) في حديث يعلى بن الحارث عن بكر: "تفرد به يعلى بن الحارث عن بكر بن وائل، عن ابن داود، عن ابن أبي عروبة". الراوي الثالث: الحسن البصري، رواه عنه زيد بن مرة أبو المعلى، كما عند أحمد في المسند (٦/ ٢٥٠) عن عبد الصمد، عن زيد بن مرة، عن الحَسَن بمِثْل لفظ مسلم، وفيه ذكر الحيّة بدل العقرب، ولكن هذا الإسناد معلول؛ لأن الحسن مدلِّس، وقد عَنْعن، ويظهر أنه لم يَسْمَعْه منها. الراوي الرابع: فَرْوة بن نوفل، أخرج حديثه الطبرانيُّ في الأوسط (٨/ ١٢٨) عن موسى بن هارون، عن الترجماني، عن شعيب بن صفوان، عن عبد الملك ابن عمير، عن شريك بن طارق، عن فروة بن نوفل بمثل لفظ أبي عوانة، وليس فيه ذكر = ⦗١٥٠⦘ = الحيَّة، قال الطبرانيُّ عقب إخراجه: "لم يروه عن صفوان إلا الترجماني، تفرد به موسى به هارون". الراوي الخامس: القاسم بن محمد عنها، ورواه عنه عبيد الله بن مقسم كما عند مسلم (٢/ ٨٥٦)، وأبي عوانة (كتاب الحج / ٣٦١٩)، من طرق عن القاسم بلفظ: "أربَعٌ كُلُّهُن فَاسِقٌ يُقتلن في الحل والحرم، الحدأة والغراب والفارة والكلب العقور، قال: فقلت للقاسم: أفرأيت الحيَّة؟ قال تقتل بِصُغَر لها"، فلم يذكر فيه العقرب. ورواه عن القاسم أيضًا حنظلة كما عند ابن أبي شيبة في المصنف (٣/ ٣٥١) عن القاسم بمثل لفظ أبي عوانة، وفيه ذكر الخمس دون الحيّة. ثالثا: أقوال العلماء في زيادة لفظة "الحيَّة": قال البيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٢٠٩): "أخرجه مسلم من حديث غندر عن شعبة وقال: الحية بدل العقرب وكأن شعبة كان شك في ذلك"، ثم ساق طريق أبي عامر العقدي عن شعبة التي على الشك، وقال: "وكأن روايةَ أبي داود الطَّيالسي أصَحّ لموافقتها سائر الروايات عن عائشة، وابن المسيب إنما روى الحديث في الحية والذئب مرسلًا، وذلك يرد إن شاء الله". قال أبو زرعة العراقي في طرح التثريب (٥/ ٥٠): "وذكر عبد الحق أن الصحيح من حديث عائشة وغيرها رواية خمس". قلت: وقد رأى بعض العلماء أن ذكر (الحيَّة) محفوظٌ من حديث عائشة. قال ابن عبد البرّ في التمهيد (١٥/ ١٥٦): "وليس في حديث ابن عمر عند أحد من الرواة ذكر الحيَّة وهو محفوظ من حديث عائشة وحديث أبي سعيد وابن مسعود". = ⦗١٥١⦘ = رابعًا: يدل التماثل والتقارب بين حديث ابن عمر عن حفصة، وحديث عائشة ﵂، على أن عائشة ﵂، وحفصة ﵂، سمعتا الحديث من النَّبيِّ ﷺ في وقت واحد، وليس في حديث ابن عمر ذكر الحيّة، وإنما ذكرها الراوي لنافع، فأجاب بأنه لا يختلف فيهنَّ لفسقِهن وضررهنَّ، ولذا ذكر عبد الحق الإشبيلي أن الصحيح من حديث عائشة وغيرها رواية خمس. من فوائد الاستخراج: أُعِلَّ متن حديث صحيح مسلم من طريق غُنْدر عن شعبة بأنَّ ذكر الحيَّة فيه غير محفوظ، وقد جاءت رواية المستخرج سالمةً من تلك العلَّة.