للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى المصدق، ولا يقال: آمنته، إلا من الأمان الذي هو ضد الإخافة، بل تقول: آمنت له.

ويقال لمن أخبر رجل بأمر: صدقه، ولا يقال: آمنه، بل يقال: آمن له.

فلا يقال قط: آمنته، أو آمنه، كما لا يقال: صدقت له، أو صدق له.

فهذا فرق في اللفظ (١) حيث يتعدى الفعل بنفسه بالنسبة إلى التصديق بخلاف الفعل في الإيمان.

الثانية: أن التصديق يستعمل في كل خبر، فيقال لمن أخبر بالأمور المشهودة، مثل: الواحد نصف الإثنين، والسماء فوق الأرض: صدقت، وصدقنا بذلك، ولا يقال له: آمنا لك، ولا آمنا بهذا، لأن هذه الأخبار من الأمور المشهودة.

أما لفظ الإيمان فلا يستعمل إلا في الإخبار عن الأمور الغائبة، كما قال تعالى على لسان إخوة يوسف: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} أي: بمقر لنا، ومصدق لنا، لأنهم أخبروه عن أمر غائب.

ومن ذلك قوله تعالى: {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ}، وقوله تعالى: {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ}، وقوله تعالى: {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ} أي: أقر له (٢).

ثانيًا: الفرق بين الإيمان والتصديق في المعنى:

فإن الإيمان مأخوذ من الأمن، الذي هو الطمأنينة، كما أن الإقرار مأخوذ من القرار، وهو قريب من آمن يأمن، فالمؤمن دخل في الأمن، كما أن المقر دخل في الإقرار، ولفظ الإقرار يتضمن الالتزام، وهو على معنيين:

أحدهما: الإخبار، وهو من هذا الوجه شبيه بلفظ التصديق، والشهادة، وهذا هو معنى الإقرار الذي يذكره الفقهاء في كتبهم باسم كتاب الإقرار.


(١) شرح حديث جبريل (٤١٣).
(٢) المصدر السابق (٤١٣).

<<  <   >  >>