للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما العلم بالحق والتصديق به مع القدرة، فليس موجبًا للعمل، بل لا بد من إرادة للحق ومحبة له (١).

كما ذكر سابقًا أن الإنسان يمكن أن يعرف الحق ويصدق به، وهو قادر على اتباعه، ومع ذلك فلا يتبعه، بل يبغضه ويعاديه.

ثالثًا: يقول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [النساء: ٥١].

ويقول تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة: ٢٥٦].

فدلت هاتان الآيتان الكريمتان على أن الطاغوت يؤمن به ويكفر به، ومن المعلوم أن مجرد التصديق بوجوده والعلم بصفاته أمر يشترك فيه المؤمن والكافر على حد سواء.

وكذلك العلم والتصديق بالأصنام والشيطان والحر أمر يشترك في العلم بحالها المؤمن والكافر.

فالمؤمن بالجبت والطاغوت، لا يكون مؤمنًا بها بمجرد علمه بها، ولكنه كفر بعبادته لها.

فبطل إذن أن يكون الإيمان هو مجرد علم وتصديق في القلب (٢).

مقارنة أقوال أهل البدع بعضها ببعض:

وكعادة المصنف رحمه الله تعالى في التمثيل على تشابه البدع، وبيان أصولها المشتركة فإنه يذكر جملة من الأقوال والعقائد الباطلة التي تشابه هذا الأصل الفاسد.

فالجهمية والأشاعرة وغيرهم يجعلون الإيمان هو مجرد العلم والتصديق في القلب، ويجعلونه موجبًا للأعمال، فإذا انتفت كان ذلك دليلًا على انتفاء التصديق والعلم في القلب، وأن القلب كان خاليًا من ذلك.


(١) المصدر نفسه (٤٢٠).
(٢) المصدر السابق (٤٥١).

<<  <   >  >>