للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي يلائمها، ولا شيء أحب إلى النفوس السليمة من الله. . فليس مجرد العلم موجبًا لحب المعلوم، إن لم يكن في النفس قوة أخرى تلائم المعلوم، وهذه القوة موجودة في النفس، وكل من القوتين تقوى بالأخرى، فالعلم يقوى بالعمل، والعمل يقوى بالعلم، فمن عرف الله وقلبه سليم أحبه، وكلما ازداد له معرفة ازداد حبه له، وكلما ازداد حبه له ازداد ذكره له. . " (١).

الأصل الثاني: أنهم جعلوا ما يوجد من التكلم بالكفر من سب الله ورسوله، ومن عقيدة التثليث، وغير ذلك قد يكون مجامعًا لحقيقة الإيمان الذي في القلب، ويكون صاحب ذلك مؤمنًا عند الله حقيقة، سعيدًا في الدار الآخرة (٢).

إبطال هذا الأصل:

هذا الأصل ظاهر البطلان، والدليل على بطلانه -كما يقول المصنف- أمران معلومان بالضرورة:

الأمر الأول: أمر معلوم بالاضطرار من الدين.

والأمر الثاني: أمر معلوم بالاضطرار من أنفسنا.

فالأول: إننا نعلم أن من سب الله طوعًا بغير كره، بل من تكلم بكلمات الكفر طائعًا غير مكره، ومن استهزأ بالله وآياته ورسوله فهو كافر باطنًا وظاهرًا، وقد ذكر الله عزّ وجلّ كلمات الكفار في القرآن الكريم وحكم بكفرهم واستحقاقهم الوعيد بها.

ومن ذلك قوله تعالى: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (٧١) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: ٧١، ٧٢].

وقوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [المائدة: ٧٣].


(١) المصدر السابق (٤٢٢).
(٢) المصدر نفسه (٤٩٤).

<<  <   >  >>