للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: ٦٥ - ٦٦].

وقوله تعالى: {وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ} [التوبة: ٧٤]، وغير ذلك من الآيات، التي يذكر الله فيها أن من تكلم بكلمات الكفر، أو سب الله ورسوله، أو استهزأ بالله وآياته ورسوله، فقد كفر كفرًا أكبر، وهو خالد مخلد في نار جهنم وبئس المصير.

أما الجهمية ومن تابعهم من الأشعرية والماتريدية فقد جعلوا التكلم بكلمات الكفر، وسب الله ورسوله، والاستهزاء بالله وآياته ورسوله بمنزلة شهادة الشهود عليهم، أو بمنزلة الإقرار الذي قد يخطئ فيه المقر، ولو كان الأمر كذلك، لم يحكم الله بكفرهم، ولم يجعلهم من أهل الوعيد بالشهادة الي قد تكون صدقًا، وقد تكون كذبًا، بل كان ينبغي أن لا يعذبهم إلا بشرط صدق الشهادة (١).

والثاني: إن القلب إذا كان معتقدًا صدق الرسول، وأنه رسول الله، وكان محبًا لرسول الله معظمًا له، امتنع مع هذا -ولا بد- أن يلعنه أو يسبه، فلا يتصور ذلك منه إلا مع نوع من الاستخفاف به وبحرمته، فعلم بذلك أن مجرد الاعتقاد بأنه رسول الله، وبأنه صادق، لا يكون إيمانًا إلا مع محبته في القلب وتعظيمه (٢).

ولا يكتفي المصنف رحمه الله بالدليلين السابقين، بل بضيف إليهما أدلة أخرى، ومن الأدلة التي ذكرها ما يلي:

الثالث: أن الله سبحانه وتعالى قال: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٦)} [النحل: ١٠٦].

فقد ذكر الله عزّ وجلّ من كفر بالله من بعد إيمانه، وذكر وعيده في


(١) المصدر السابق (٤٥٠).
(٢) المصدر نفسه (٤٥٠).

<<  <   >  >>