للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجماعة من جانب، وبين المرجئة -على اختلاف آرائهم- من جانب آخر، وهي تمثل الثمرة الحقيقية للخلاف بين الفريقين.

ولقد ركَّز المصنف رحمه الله كثيرًا على هذه القضية في كتاب "شرح حديث جبريل"، وأورد من الاستدلالات والبراهين الواضحة، ما يدحض حجج المرجئة، الذين يقولون: إنه يمكن أن يكون الإنسان مؤمنًا كامل الإيمان، ولو لم يعمل عملاً قط.

وقد أورد المصنف رحمه الله عدة صور لتارك جنس الأعمال على سبيل التعجب والاستدلال على فساد قول المرجئة وتهافته، ومن ذلك:

يقول شيخ الإسلام في نص هام عن أهمية جنس العمل على صحة الإيمان: "والسلف اشتد نكيرهم على المرجئة لما أخرجوا العمل من الإيمان، وقالوا: إن الإيمان يتماثل الناس فيه، ولا ريب أن قولهم بتساوي إيمان الناس من أفحش الخطأ، بل لا يتساوى الناس في التصديق، ولا في الحب، ولا في الخشية، ولا في العلم، بل يتفاضلون من وجوه كثيرة.

وأيضًا فإخراجهم العمل يشعر أنهم أخرجوا أعمال القلوب أيضًا، وهذا باطل قطعًا، فإن من صدق الرسول وأبغضه وعاداه بقلبه وبدنه فهو كافر قطعًا بالضرورة، وإن أدخلوا أعمال القلوب في الإيمان أخطأوا أيضًا، لامتناع قيام الإيمان بالقلب من غير حركة بدن.

وليس المقصود هنا ذكر عمل معيَّن، بل من كان مؤمنًا بالله ورسوله بقلبه، هل يُتصور إذا رأى الرسول وأعداءه يقاتلونه، وهو قادر على أن ينظر إليهم، ويحض على نصر الرسول بما لا يضره، هل يمكن مثل هذا في العادة إلا أن يكون منه حركة ما إلى نصر الرسول؟ فمن المعلوم أن هذا ممتنع" (١).

ويقول رحمه الله في نص آخر لا يقل أهمية عن الأول: "ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمنًا إيمانًا ثابتًا في قلبه، بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة


(١) شرح حديث جبريل (٤٤٧ - ٤٤٨).

<<  <   >  >>