للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصيام والحج، ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة، ولا يصوم من رمضان، ولا يؤدي زكاة، ولا يحج إلى بيته، فهذا ممتنع.

ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب وزندقة، لا مع إيمان صحيح. . " (١).

وكانت ساحة النزاع بين السلف والمرجئة في هذا المقام هي قضية تارك الصلاة، حيث حكم المرجئة والفقهاء المتأثرون بأصلهم بعدم كفره، بل قال جمهورهم: إنه يستتاب ويعرض على السيف، فإن صلَّى وإلا قتل حدًا.

ولنا في هذا المقام ثلاث وقفات:

الأولى: أن جمهور السلف متفقون على كفر تارك الصلاة بالكلية، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.

الثانية: أن هذا الافتراض افتراض باطل قطعًا، وهو لا يقع أبدًا إلا في الخيال، أما في الواقع فمن المستحيل وقوع ذلك.

يقول المصنف رحمه الله مبينًا بطلان ذلك الافتراض: "ولا يُتصور في العادة أن رجلًا بكون مؤمنًا بقلبه، مقرًا بأن الله أوجب عليه الصلاة، ملتزمًا لشريعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به، يأمره ولي الأمر بالصلاة فيمتنع حتى يقتل، ويكون مع ذلك مؤمنًا في الباطن قط، لا يكون إلا كافرًا.

ولو قال: أنا مقر بوجوبها غير أني لا أفعلها، كان هذا القول مع هذه الحال كذبًا منه، كما لو أخذ يلقي المصحف في الحش ويقول: أشهد أن ما فيه كلام الله، أو جعل يقتل نبيًا من الأنبياء، ويقول: أشهد أنه رسول الله، ونحو ذلك من الأفعال التي تنافي إيمان القلب، فإذا قال: أنا مؤمن بقلبي مع هذه الحال، كان كاذبًا فيما أظهره من القول. . " (٢).


(١) المصدر السابق (٥٥٧).
(٢) المصدر السابق (٥٦٦)، وقد شعر بعض القائلين بعدم كفر تارك الصلاة بضعف هذا القول، وفساد هذا الافتراض، ومن هؤلاء الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله حيت يقول في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (١/ ١٣٠ - ١٣٢): "ومن المعلوم أن العلماء اختلفوا في حكم تارك الصلاة خاصة، مع إيمانه بمشروعيتها، =

<<  <   >  >>