للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنه من باب أولى سيحكمون على مثل هذا الشخص بالكفر البواح، ولن يترددوا في ذلك أبدًا.

يقول شيخ الإسلام رحمه الله في موضع آخر: "ويعلم أنه لو قدر أن قومًا قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: نحن نؤمن بما جئتنا به بقلوبنا من غير شك، ونقر بألسنتنا بالشهادتين، إلا أنا لا نطيعك في شيء مما أمرت به ونهيت عنه، فلا نصلي ولا نصوم ولا نحج، ولا نصدق الحديث، ولا نؤدي الأمانة، ولا نفي بالعهد، ولا نصل الرحم، ولا نفعل شيئًا من الخير الذي أمرت به، ونشرب الخمر، وننكح ذوات المحارم بالزنى الظاهر، ونقتل من قدرنا عليه من أصحابك وأمتك، ونأخذ أموالهم، بل نقتلك أيضًا، ونقاتلك مع أعدائك، هل كان يتوهم عاقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لهم: أنتم مؤمنون كاملوا الإيمان، وأنتم من أهل شفاعتي يوم القيامة ويرجى لكم أن لا يدخل أحد منكم النار، بل كل مسلم يعلم بالاضطرار أنه يقول لهم: أنتم أكفر الناس بما جئت به، ويضرب رقابهم إن لم يتوبوا من ذلك" (١).

وحين يبطل المصنف رحمه الله تعالى القول بعدم كفر تارك الصلاة، واقتراض الفقهاء السابق، ينبه إلى أن الداعي لذلك الافتراض كان متمثلاً في شبهة من شبهات المرجئة.

يقول رحمه الله: "فهذا الموضع ينبغي تدبره، فمن عرف ارتباط الظاهر بالباطن، زالت عنه الشبهة في هذا الباب، وعلم أن من قال من الفقهاء: إنه إذا أقر بالوجوب وامتنع عن الفعل لا يقتل أو يقتل مع إسلامه، فإنه دخلت عليه الشبهة التي دخلت على المرجئة والجهمية. . " (٢).

وبعد أن وضح المصنف لوثة الإرجاء التي دخلت على كثير من الفقهاء الذين تكلموا على حكم تارك الصلاة، قال معقبًا ومنوهًا بأهمية جنس العمل، وأنه لازم للإيمان: "ولهذا كان الممتنعون من قتل هذا من الفقهاء بنوه على قولهم في مسألة الإيمان، وأن الأعمال ليست من


(١) المصدر السابق (٢٢٥).
(٢) شرح حديث جبريل (٥٦٦).

<<  <   >  >>