للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول هؤلاء: قد جعل غير المحافظ تحت المشيئة، والكافر لا يكون تحت المشيئة.

وقد ناقش المصنف رحمه هذا الدليل، وأبطل الاستدلال به على عدم كفر تارك الصلاة.

وفي ذلك يقول رحمه الله: "ولا دلالة في هذا، فإن الوعد تعلق بالمحافظة عليها، والمحافظ فعلها في أوقاتها كما أمر، كما قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨]، وعدم المحافظة يكون مع فعلها بعد الوقت. . " (١).

ويقول أيضًا: "وقد قال تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩)} [مريم: ٥٩].

فقيل لابن مسعود وغيره: ما إضاعتها؟ فقال: تأخيرها عن وقتها، فقالوا: ما كنا نظن ذلك إلا تركها، فقال: لو تركوها لكانوا كفارًا! ! .

وكذلك قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥)} [الماعون: ٤ - ٥]، ذمهم مع أنهم يصلون، لأنهم سهوا عن حقوقها الواجبة، من فعلها في الوقت، وإتمام أفعالها المفروضة" (٢).

ثم ذكر حديث الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، وعقب بعده بقوله: "فنهى عن قتالهم، إذا صلوا، وكان في ذلك دلالة على أنهم إذا لم يصلوا قوتلوا، وبين أنهم يؤخرون الصلاة عن وقتها، وذلك ترك المحافظة عليها، لا تركها. . " (٣).

ويقول بعد ذلك ملخصًا وجه الاستدلال الصحيح، ومبطلًا حجة من استدل به على عدم كفر تارك الصلاة: "وإذا عرف الفرق بين الأمرين، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أدخل تحت المشيئة من لم يحافظ عليها، لا من تركها، ونفس ترك صفة المحافظة يقتضي أنهم صلوا، ولم يحافظوا عليها، ولا يتناول من لم يحافظ. . " (٤).


(١) المصدر السابق (٥٦٣).
(٢) المصدر نفسه (٥٦٤).
(٣) المصدر نفسه (٥٦٤).
(٤) المصدر نفسه (٥٦٥).

<<  <   >  >>