للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو رحمه الله مع إقراره بأن النزاع لفظي في أن الأعمال لازمة للإيمان أو جزء منه، يعتبر خطأ المرجئة خطأ بينًا، ويعود ليذَكِّر مرة أخرى بأن السلف رضوان الله عليهم قد أعظموا الكلام عليها، وأغلظوا القول فيها.

وكلام المصنف في هذا المقام يفهم منه -بلا ريب- أنه موافق للسلف الصالح في ذمهم للمرجئة والإرجاء.

وقد سبقت الإشارة إلى حكم المصنف بتناقض مذهبهم في الإيمان، وأنهم إن لم يدخلوا أعمال القلوب في الإيمان لزمهم قول جهم، وإذا أدخلوها فيه لزمهم دخول أعمال الجوارح (١).

وإذا أردنا أن نخرج برأي للمصنف في هذه القضية، فإن أمامنا عدة احتمالات:

الأول: أن نقول: إن الخلاف معنوي وحقيقي، وليس فيه لفظي على الإطلاق، وهذا الاحتمال يضعفه كثرة ترديد المصنف لعبارة الخلاف اللفظي.

الثاني: أن يقال: إن الخلاف لفظي عند المصنف بإطلاق، وهذا القول عكس القول الأول، وهذا الذي أثبته شارح العقيدة الطحاوية، وقال عنه: إنه خلاف لفظي أو صوري (٢).

وهذا القول يضعِّفه أن المصنف أشار غير مرة أن كثيرًا من الخلاف في الإيمان معنوي، وكثيرًا منه لفظي.

الثالث: أن يقال: إن إطلاق المصنف لعبارة النزاع اللفظي، هو من باب المناظرة مع المخالفين، وليس نفيًا لوجود الخلاف الحقيقي بين السلف ومرجئة الفقهاء.

فالمصنف يقول: "وقيل لمن قال: دخول الأعمال الظاهرة في اسم الإيمان مجاز، نزاعك لفظي، فإنك إذا سلمت أن هذه لوازم الإيمان الواجب الذي في القلب وموجباته، كان عدم اللازم موجبًا لعدم الملزوم،


(١) الإيمان (١٥٥).
(٢) شرح العقيدة الطحاوية (٢/ ٤٦٢).

<<  <   >  >>