فيلزم من عدم هذا الظاهر عدم الباطن، فإذا اعترفت بهذا كان النزاع لفظيًا"! .
ويقول أيضًا: "فإذا عرف أن الذم والعقاب واقع في ترك العمل، كان بعد ذلك نزاعهم لا فائدة فيه، بل يكون نزاعًا لفظيًا، مع أنهم مخطئون في اللفظ، مخالفون للكتاب والسنة".
ولعل من أقرب النصوص التي تؤيد هذا الاحتمال ما أشار إليه المصنف في موضع آخر: "وكثير من منازعات الناس في مسائل الإيمان، ومسائل الأسماء والأحكام، هي منازعات لفظية، فإذا فصل الخطاب زال الارتياب، والله سبحانه أعلم بالصواب" (١).
فالمصنف يسائل هؤلاء المرجئة دومًا الذين أقروا أن تارك الأعمال مستحق للذم والعقاب: هل هذه الأعمال تدخل في الإيمان كجزء لا يتجزأ منه بطريق التضمن والعموم! ! أو أنها لازمة للإيمان لا تنفك عنه، فهي تابعة لمسمى الإيمان بطريق اللزوم؟ .
والمصنف -كما سبق- يذكر أن هذا يقع، وهذا يقع، بحسب إفراد، الألفاظ واقترانها.
فالمصنف كأنه يريد أن يقول لهؤلاء المرجئة: ليس بيننا وبينكم خلاف، إذا أقررتم بأن الأعمال من لوازم الإيمان، والخلاف معكم لفظي في هذا الباب، ولكنكم مخطئون مخالفون للكتاب والسنّة، وما أحدثتموه في الإيمان من بدعة جرَّت شرًا عريضًا.
وعلى هذا الاحتمال فالقول بأن الخلاف لفظي، جرى مجرى المناقشة وإقحام الخصم، والخلاف على هذا الأساس خلاف حقيقي.
وهذا القول متجه لولا بعض النصوص التي سيقت على وجه الإخبار، وليس على وجه المناظرة، كقول المصنف مثلًا: "ولهذا كان أصحاب أبي حنيفة يكفرون أنواعًا ممن يقول كذا وكذا، لما فيه من