للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستخفاف، ويجعلونه مرتدًا ببعض هذه الأنواع، مع النزاع اللفظي الذي بين أصحابه وبين الجمهور في العمل: هل هو داخل في اسم الإيمان، أم لا؟ ".

الرابع: أن نقول: إن الخلاف بين السلف مرجئة الفقهاء، منه لفظي، ومنه معنوي، أي الجمع بين الأمرين، فاللفظي في الاسم، والمعنوي في الحكم، فهم وإن أخرجوا الأعمال من مسمى الإيمان، وقالوا: إن إيمانهم كإيمان جبريل عليه السلام، وقالوا: إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، فقد اتفقوا على أن تاركها مذموم ومعرض للعقاب، وهذا الخلاف في اللفظ والاسم.

أما المعنوي فهم يجعلون تارك جنس العمل -بالكلية- مؤمنًا كامل الإيمان، ناجيًا عند الله في الآخرة، والسلف -كما مر- يقولون بعكس ذلك.

الخامس: أن المصنف يتحدث عن طائفتين من المرجئة، الخلاف مع إحداهما لفظي، الخلاف مع الأخرى معنوي، فالطائفة الأولى هم مرجئة الفقهاء وخلاف السلف معهم لفظي، لأنهم -وإن أخرجوا الأعمال من مسمى الإيمان- إلا أنهم يهتمون بالأعمال، ويرون أن تاركها متعرض للذم والوعيد والعقاب.

أما الطائفة الأخرى من المرجئة فهم الذين يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب، وقد يستأنس لهذا بقول المصنف عن أبي حنيفة وأصحابه: "ويذمون المرجئة، والمرجئة عندهم الذين لا يوجبون الفرائض، ولا اجتناب المحارم , بل يكتفون بالإيمان" (١).

ولكن يرد على هذا القول عدة أمور، منها:

١ - أن المصنف كفر من قال بهذا، حيث قال: "وإن قالوا: إنه لا يضره ترك العمل، فهذا كفر صريح" (٢).

٢ - أن المصنف لم ينسب هذا القول لأحد من المخالفين، وفي


(١) مجموع الفتاوى (١٣/ ٤١).
(٢) الإيمان (١٤٥).

<<  <   >  >>