للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك يقول بعد نصه السابق: "وبعض الناس يحكي هذا عنهم، وأنهم يقولون: إن الله فرض على العباد فرائض، ولم يرد منهم أن يعملوها، ولا يضرهم تركها، وهذا قد يكون قول الغالية الذين يقولون: لا يدخل النار من أهل التوحيد أحد، لكن ما علمت معينًا أحكي عنه هذا القول، وإنما الناس يحكونه في الكتب، ولا يعينون قائله، وقد يكون قول من لا خلاق له من الفساق والمنافقين (الذين) (١) يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب، أو مع التوحيد. . ".

فليس هناك قائل معين لهذا القول، بل أشار المصنف إلى احتمال أن يكون كلامًا لمن لا خلاق له من الفساق والمنافقين، وفي هذه الحالة فليس من المعقول أبدًا أن يكون الخلاف المعنوي الذي تحدث المصنف عنه مرارًا مع قول لم يعلم قائله، أو مع طائفة من الفساق والمنافقين هم أقل وأرذل من أن تناقش شبهاتهم التي سببها شهواتهم وأهواؤهم.

٣ - أن المصنف حين يذكر أن الخلاف منه لفظي ومعنوي، فإنه لا يذكر في هذا السياق أحدًا من طوائف المرجئة سوى مرجئة الفقهاء، فالخلاف الذي منه لفظي ومعنوي هو معهم دون غيرهم.

وملخص هذه الاحتمالات: إما أن يكون الخلاف حقيقيًا معنويًا، وليس لفظيًا، وإما أن يكون الخلاف منه حقيقي معنوي، ومنه لفظي صوري، وإما أن يكون الخلاف لفظيًا صوريًا، وليس حقيقيًا أو معنويًا، وإما أن يكون الخلاف مع طائفتين من المرجئة، فاللفظي مع مرجئة الفقهاء، والمعنوي مع غالية المرجئة.

وعبارات المصنف قد تؤيد بعض هذه الاحتمالات، ولكن الترجيح يميل لكفة القول الرابع في هذه المسألة الشائكة، وإن الخلاف مع مرجئة الفقهاء أنفسهم -كثير منه لفظي- حين يخرجون الأعمال من مسمى


(١) زيادة لإيضاح سياق النص.

<<  <   >  >>