للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإيمان، ويوافقون أهل السنّة على وجوب هذه الأعمال، وأن تاركها مستحق للذم والعقاب، وأن الله عز وجل يعذب من يعذب من أهل الكبائر، ثم يخرجهم بالشفاعة.

وأن الخلاف معهم معنوي حين يقولون: إن من آمن بقلبه، وأقر بلسانه، ولم يعمل خيرًا قط، مؤمن ناج عند ربه في الآخرة، والسلف يكفرون تارك العمل بالكلية، ولا يتصورون أن مثل هذا يقع أبدًا، إلا إن كان في أذهان المرجئة.

ولكن هناك تساؤلات هامة للغاية تطرح نفسها بإلحاح في هذه القضية، وهي: ما المراد بأن النزاع بين الفريقين لفظي أو صوري، هل هو تخطئة السلف رضوان الله عليهم أجمعين، حين اشتد نكيرهم، وعظم ذمهم لمرجئة الفقهاء؟ أو هو الاستدراك عليهم، وأنه تفطن لأمر لم يتفطنوا له، أو الوصول إلى اتهامهم بالتسرع أو الغلو وكل هذه التساؤلات تضع نفسها في طريق كل من قال: إن خلاف السلف مع مرجئة الفقهاء خلاف لفظي بإطلاق، ولا محيص عنها بحال من الأحوال! ! ! .

وبكل حال فشيخ الإسلام المصنف، وإن ذكر مرات عديدة، أن الخلاف بين الطائفتين لفظي، فقد خطأهم -كما سبق- وبين أن خطاهم قد تسبب في حدوث مضاعفات خطيرة، سواء على مستوى الأعمال، بالتهاون فيها، وظهور الفسق، أو بتمهيد ذلك الخطأ للإرجاء الغالي المتمثل في إرجاء الجهمية ومن تابعهم كالأشاعرة وغيرهم.

وأستطيع أن أقول بعد كل هذا: إن من المتفق عليه ذم المرجئة وابتداعهم في الدين ما ليس منه، ومخالفتهم ما عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين، فيكون الخلاف حينئذٍ حقيقيًا ومعنويًا، ومن رأى خلاف هذا -واتفق على ما سبق ذكره (أي من ذم السلف للمرجئة والتحذير منهم والتشنيع عليهم) - يكون الخلاف معه حينئذٍ لفظيًا! ! ، والله أعلم.

<<  <   >  >>