للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبعضهم قال: إن الإنسان يكفر بترك واحد من الأربعة، حتى الحج إن عزم على تركه بالكية.

وبعضهم قال: إنه لا يكفر إلا بترك الصلاة، وهذا هو أشهر الأقوال.

وقال آخرون: إنه يكفر بترك الصلاة والزكاة.

وقال غيرهم: إنه يكفر بترك الصلاة والزكاة إذا قاتل الإمام عليها.

وقال كثير من الفقهاء من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي: لا يكفر بترك شيء من ذلك ما دام مقرًا بوجوبها (١).

ونود أن نشير في هذا المقام إلى قضيتين هامتين:

الأولى: أن النزاع بين أهل السنّة في تكفير تارك المباني الأربعة، أو تارك بعضها، أمر مشهور وليس كما يعتقد كثير من الناس، من أنه لا نزاع في ذلك، أو يعتمدون أن النزاع محصور فقط بين جمهور الفقهاء والحنابلة في تارك الصلاة تكاسلًا، ويعدون القول بكفر تارك الصلاة قولًا لأحمد فقط، نعم إن أرادوا بذلك من أصحاب المذاهب الأربعة فنعم، وإن أرادوا غير ذلك فباطل قطعًا، لأن جمهور السلف رضوان الله عليهم متفقون مع أحمد رحمه الله في ذلك.

وإلى ذلك أشار شيخ الإسلام رحمه الله تعالى بقول: "وأما الأعمال الأربعة، فاختلفوا في تكفير تاركها، ونحن إذا قلنا: أهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب، فإنما نريد به المعاصي، كالزنى والشرب، وأما هذه المباني ففي تكفير تاركها نزاع مشهور. . " (٢)، وقد ذكر مثل ذلك الحافظ ابن رجب رحمه الله (٣).


(١) شرح حديث جبريل (٥٥٤ - ٥٥٦)، مجموع الفتاوى (٢٠/ ٩٦).
(٢) الإيمان (٢٣٧).
(٣) الفتح (١/ ٢٣)، وقال المصنف في كتاب "السياسة الشرعية لإصلاح الراعي والرعية" (٢٨/ ٣٥٩): إن المنقول عن أكثر السلف أن حكم تارك الصلاة تكاسلًا وتهوانًا قتله كافرًا مرتدًا.

<<  <   >  >>