للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلبه جازم بأنه لا يخبر إلا بصدق، ولا بأمر إلا بحق، ثم يسمع الآية أو الحديث، أو يتدبر ذلك، أو يُفسر له معناه، أو يظهر له ذلك بوجه من الوجوه، فيصدق بما كان مكذبًا به، ويعرف ما كان منكرًا له، وهذا تصديق جديد، وإيمان جديد ازداد به إيمانه، ولم يكن قبل ذلك كافرًا بل جاهلًا (١).

ثامنًا: الإجمال والتفصيل في ما أمروا به، فمعلوم أنه لا يجب في أول الأمر ما وجب بحد نزول القرآن كله، وكذلك لا يجب على من عرف ما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - مفصلًا، ما يجب على من لم يعرف ذلك إلا مجملًا، ومعلوم أن من مات مؤمنًا بالله والرسول، قبل أن يعرف شرائع الدين، أو يجب عليه شيء من الأعمال، مات مؤمنًا الإيمان الذي وجب عليه، وليس إيمان هذا كإيمان من عاش حتى عرف ذلك مفصلًا، وعمل بما عرف (٢).

تاسعًا: الإجمال والتفصيل فيما وقع منهم، فمن آمن بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - مطلقًا، فلم يكذبه قط، لكن أعرض عن معرفة أمره ونهيه وخبره، وطلب العلم الواجب عليه، فلم يعلم الواجب عليه ولم يعمل به، بل اتبع هواه، وآخر قد طلب العلم الذي أمر به، فعمل به، وآخر طلب علمه فعلمه وآمن به ولم يعمل به، فهؤلاء وإن اشتركوا في الوجوب، فمعلوم أن الثاني الذي آمن وعلم وعمل إيمانه أكمل من الثالث الذي آمن وعلم ولكنه لم يعمل، كما أن الثالث أكمل من الأول الذي آمن ولم يعرف ما أمر به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لم يعمل بذلك، فكلما علم القلب ما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - فصدقه، وما أمر به فالتزمه، كان ذلك زيادة في إيمانه على من لم يحصل له ذلك، وإن كان معه التزام عام وإقرار عام (٣).


(١) الإيمان (١٨٧).
(٢) شرح حديث جبريل (٤٦٠)، الإيمان (١٨٣).
(٣) شرح حديث جبريل (٤٦٠)، الإيمان (١٨٤).

<<  <   >  >>