للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يفصل المصنف رحمه الله في كتاب "شرح حديث جبريل" الذي نعني بتحقيقه ودراسته القول في الاستثناء في الإيمان، وإنما أشار بإيجاز بالغ إلى أن أهل السنّة والجماعة يجيزون الاستثناء (١)، وإلى إنكار مرجئة الفقهاء له (٢)، ثم ذكره ثانية حين تحدث عن القول المشهور لأبي الحسن الأشعري رحمه الله في الإيمان، وهو التصديق حيث قال: "ومع هذا فهو وجمهور أصحابه على قول أهل الحديث في الاستثناء في الإيمان، والإيمان المطلق عنده ما يحصل به الموافاة، والاستثناء عنده يعود إلى ذلك" (٣).

مذاهب الناس في الاستثناء:

المذهب الأول: الذين يجعلون الاستثناء واجبًا، وهؤلاء لهم مأخذان:

المأخذ الأول: أن الإيمان هو ما يموت عليه الإنسان، واعتبر هؤلاء أن الإنسان يكون مؤمنًا أو كافرًا بالموافاة، وما سبق في علم الله أنه يموت عليه، وقالوا: الإيمان الذي يتعقبه الكفر، فيموت صاحبه كافرًا ليس بإيمان، كالصلاة التي يفسدها صاحبها قبل الكمال، وكالصيام الذي يفطر صاحبه قبل الغروب، وهذا مأخذ كثير من الكلابية، وعندهم: أن الله عزّ وجلّ يحب في أزله من كان كافرًا، إذا علم أنه يموت مؤمنًا، فالصحابة ما زالوا محبوبين لله، وإن كانوا قد عبدوا الأصنام مدة من الدهر، وإبليس ما زال الله يبغضه، وإن كان لم يكفر بعد (٤)، وهذا هو مأخذ الأشاعرة.

وقد أنكر شيخ الإسلام أن يكون أحد من السلف الصالح رضوان الله عليهم قد علل بالموافاة الاستثناء (٥).

المأخذ الثاني: أن الإيمان المطلق يتضمن فعل المأمورات كلها،


(١) شرح حديث جبريل (٣٤٩، ٣٦٦).
(٢) المصدر نفسه (٣٧٢).
(٣) المصدر نفسه (٣٨٠)، ونود أن نوضح إلى أننا أثناء تحقيق المتن قد نقنا نصوصًا بالكامل من كتاب "الإيمان الكبير" للمصنف، حول هذا الموضوع، ووضعناها في حاشية الكتاب، تتمة للفائدة.
(٤) الإيمان (٣٣٥).
(٥) الإيمان (٣٤١).

<<  <   >  >>