للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولشيخ الإسلام رحمه الله تفريق بين الإسلام والإيمان من حيث الأفضلية، يقول رحمه الله: "ولهذا صار الناس في الإيمان والإسلام على ثلاثة أقوال:

فالمرجئة يقولون: الإسلام أفضل، فإنه يدخل فيه الإيمان.

وآخرون يقولون: الإيمان والإسلام سواء، وهم المعتزلة والخوارج، وطائفة من أهل الحديث والسنة، وحكاه محمد بن نصر عن جمهورهم، وليس كذلك.

والقول الثالث: أن الإيمان أكمل وأفضل، وهذا هو الذي دل عليه الكتاب والسنّة في غير موضع، وهو المأثور عن الصحابة، والتابعين لهم بإحسان (١).

ويفرق المصنف بين الإسلام والإيمان بقوله: " وحقيقة الفرق أن الإسلام دين، والدين مصدر دان يدين دينًا، إذا خضع وذل، ودين الإسلام الذي ارتضاه الله، وبعث به رسله هو الاستسلام لله وحده، فأصله في القلب هو الخضوع لله وحده، بعبادته وحده دون ما سواه، فمن عبده وعبد معه إلهًا آخر، لم يكن ملمًا، ومن لم يعبده بل استكبر عن عبادته لم يكن مسلمًا، والإسلام هو الاستسلام لله، وهو الخضوع له، والعبودية له، هكذا قال أهل اللغة: أسلم الرجل إذا استسلم، فالإسلام في الأصل من باب العمل، عمل القلب والجوارح. وأما الإيمان فأصله تصديق وإقرار ومعرفة، فهو من باب قول القلب المتضمن عمل القلب، والأصل فيه التصديق، والعمل تابع له، فلهذا فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - الإيمان بإيمان القلب وبخضوعه، وهو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، وفسر الإسلام باستسلام مخصوص هو المباني الخمس. . " (٢).

فأما القول الأول: فقد رد المصنف عليه، ومن ذلك أن الله عز وجلّ لم يعلق دخول الجنة إلا باسم الإيمان، لا باسم الإسلام "مع إيجابه الإسلام، وإخباره أنه دينه الذي ارتضاه، وأنه لا يقبل دينًا غيره، ومع هذا


(١) المصدر السابق (٣٢٣).
(٢) المصدر السابق (٢٠٧)

<<  <   >  >>