للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فما قال: إن الجنة أعدت للمسلمين، ولا قال: وعد الله المسلمين بالجنة، بل إنما ذكر ذلك باسم الإيمان. . " (١).

ولتوضيح العلاقة المتلازمة بين الإسلام والإيمان يشبه المصنف الإسلام والإيمان في تلازمهما بالروح والبدن، وليس يلزم من تلازمهما أن يكون أحدهما هو الآخر، "إذا قيل: إن الإسلام والإيمان التام متلازمان، لم يلزم أن يكون أحدهما هو الآخر، كالروح والبدن، فلا يوجد عندنا روح إلا مع البدن، ولا يوجد بدن حي إلا مع الروح، وليس أحدهما الآخر، فالإيمان كالروح، فإنه قائم بالروح ومتصل بالبدن، والإسلام كالبدن، ولا يكون البدن حيًا إلا مع الروح، بمعنى أنهما متلازمان، لا أن مسمى أحدهما هو الآخر" (٢).

ويذكر لذلك تشبيهًا آخر فيقول: "وليس كل من صلى ببدنه يكون قلبه منورًا بذكر الله والخشوع وفهم القرآن، وإن كانت صلاته يثاب عليها، ويسقط عنه الفرض في أحكام الدنيا، فهكذا الإسلام الظاهر بمنزلة الصلاة الظاهرة، والإيمان بمنزلة ما يكون في القلب حين الصلاة من المعرفة بالله والخشوع وتدبر القرآن، فكل من خشع قلبه خشعت جوارحه، ولا ينعكس. . " (٣).

وأما القول الثاني: وهو قول من يقول: الإسلام الكلمة، والإيمان العمل، فينظر في المراد بذلك، فإن كان مراد من قال ذلك أنه بالكلمة يدخل في الإسلام، ولم يأت بتمام الإسلام فنعم، وإن كان مراده أنه أتى بجميع الإسلام فهذا غلط قطعًا.

فمن قال: إن الأعمال الظاهرة ليست من الإسلام فقوله باطل أيضًا (٤).

وأما القول الثالث: وهو قول الأشاعرة الذين جعلوا الإيمان خصلة


(١) المصدر السابق (٢٧٢).
(٢) الصدر السابق (٢٨٨).
(٣) المصدر السابق (٢٨٨).
(٤) المصدر السابق (٢٩٠).

<<  <   >  >>