من خصال الإسلام، فقد تصدى له المصنف بالرد والإبطال، وبين تناقضهم، حيث قال بعد أن أورد كلام الباقلاني الذي تقدم قريبًا: "وهذا الذي ذكروه مع بطلانه ومخالفته للكتاب والسنّة هو تناقض، فإنهم جعلوا الإيمان خصلة من خصال الإسلام، فالطاعات كلها إسلام، وليس فيها إيمان إلا التصديق، والمرجئة وإن قالوا: إن الإيمان يتضمن الإسلام، فهم يقولون: الإيمان هو تصديق القلب واللسان، وأما الجهمية فيجعلونه تصديق القلب، فلا تكون الشهادتان، ولا الصلاة ولا الزكاة ولا غيرهن من الإيمان، وقد تقدم ما بينه الله ورسوله، من أن الإسلام داخل في الإيمان، فلا يكون الرجل مؤمنًا حتى يكون مسلمًا، كما أن الإيمان داخل في الإحسان، فلا يكون محسنًا حتى يكون مؤمنًا.
وأما التناقض، فإنهم إذا قالوا: الإيمان خصلة من خصال الإسلام، كان من أتى بالإيمان إنما أتى بخصلة من خصال الإسلام، لا بالإسلام الواجب جميعه، فلا يكون مسلمًا حتى يأتي بالإسلام كله، كما لا يكون عندهم مؤمنًا حتى يأتي بالإيمان كله، وإلا فمن أتى ببعض الإيمان عنده لا يكون مؤمنًا، ولا فيه شيء من الإيمان، فكذلك يجب أن يقولوا في الإسلام، وقد قالوا: كل إيمان إسلام، وليس كل إسلام إيمانًا، وهذا إن أرادوا به أن كل إيمان هو الإسلام الذي أمر الله به، ناقض قولهم: إن الإيمان خصلة من خصاله، فجعلوا الإيمان بعضه ولم يجعلوه إياه، وإن قالوا: كل إيمان فهو إسلام، أي هو طاعة لله، وهو جزء من الإسلام الواجب، وهذا مرادهم، قيل لهم: فعلى هذا يكون الإسلام متعددًا بتعدد الطاعات، وتكون الشهادتان وحدهما إسلامًا، والصلاة وحدها إسلامًا، والزكاة إسلامًا، وكل تسبيحة في الصلاة أو غيرها إسلامًا.
ثم المسلم إن كان لا يكون مسلمًا إلا بفعل كل ما سميتموه إسلامًا، لزم أن يكون الفساق ليسوا مسلمين، مع كونهم مؤمنين، فجعلتم المؤمنين الكاملي الإيمان عندكم ليسوا مسلمين، وهذا شر من قول الكرامية، ويلزم أن الفساق من أهل القبلة ليسوا مسلمين، وهذا شر من قول الخوارج