للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد أماط المصنف اللثام عن حقيقة كلام الفلاسفة في كثير من القضايا التي تكلموا فيها، وبين أن كلامهم لا حقيقة له في الواقع البتة، وإنما هو أفكار وأوهام تدور في العقول، ويظن أصحابها خطأً أنها واقعة في الوجود.

وذكر أن كلامهم: "يعود عند التحقيق إلى أمور مقدرة في الأذهان، لا حقيقة لها في الأعيان" (١).

كما نبَّه المصنّف على أن كلام الفلاسفة -في العقول والنفوس (٢) - فيه من الشرك واتخاذ الأنداد، ما هو أقبح من كلام النصارى في التثليث بكثير (٣).

أما النبوات، فيذكر المصنف أن المتقدمين منهم ليس لهم كلام فيها، وأما المتأخرون منهم فحائرون فيها، فبعضهم يكذب بها، وبعضهم يصدق بها، ومن هؤلاء مقدمهم ابن سينا، ولكنهم يجعلون النبي بمنزلة ملك عادل، ويجعلون الوحي الذي تكون به النبوة من جنس ما يقع لبعض الصالحين من الكف والتأثير والتخيل (٤).

وعند كثير من الفلاسفة يكون الفيلسوف أفضل من النبي كما قال الفارابي، وقد يقول بعض هؤلاء: إن النبوة قد تكون أفضل بالنسبة للجمهور والعامة، لا عند الخاصة (٥).

وعند هؤلاء أن الرسل عليهم السلام: "خاطبوا الناس بإظهار أمور من الوعد والوعيد لا حقيقة لها في الباطن، وإنما هي أمثال مضروبة لتفهيم حال النفس بحد المفارقة، وما أظهروه لهم من الوعد والوعيد، وإن كان لا حقيقة له، فإنما تعلق لمصلحتهم في الدنيا، إذ كان لا يمكن تقويمهم إلا بهذه الطريق. . " (٦).


(١) المصدر السابق (٤٩٩).
(٢) سيأتي الكلام عنها عند تحقيق متن الكتاب إن شاء الله.
(٣) المصدر السابق (٤٩٩).
(٤) المصدر السابق (٥٠٠).
(٥) المصدر السابق (٥٠٨).
(٦) المصدر السابق (٣٦٢).

<<  <   >  >>