للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليس هو مصنوعًا له لم يكن واجب الوجود بنفسه (١).

الثالث: أن كلامهم يعود عبد التحقيق إلى أن يكون وجود الخالق -جل وعلا- عين وجود المخلوقات، وهم يصرحون بذلك، لكنهم يقولون: إن هناك تغايرًا بين الوجود والثبوت، أو بين الكل والجزء، أو المطلق والمعين، ولذلك كانوا يقولون بالحلول، فيجعلون الخالق تارة حالًا في المخلوقات، وتارة محلًا لها، وعند التحقيق في قولهم وإبطال هذه المغايرة، يكون معنى قولهم وحقيقة أن الخالق هو نفس المخلوقات، فلا خالق ولا مخلوق، وإنما العالم واجب الوجود بنفسه (٢).

الرابع: أن هؤلاء يقرون بما يزعمونه من التوحيد عند التعدد في صفاته الواجبة وأسمائه، وقيام الحوادث به، وعن كونه جسمًا أو جوهرًا، ولكنهم عند التحقيق يجعلونه عين الأجسام المتخيلة الكائنة الفاسدة المتقذرة، ويصفونه بكل نقص كما صرحوا بذلك.

وقالوا: إنه يظهر بصفات المحدثات، وبصفات النقص، وبصفات الذم.

وقالوا: العلي لذاته هو الذي يكون له الكمال، ولكن ما هو الكمال يا ترى عند هؤلاء الغلاة من المتصوفة؟ .

قالوا: إنه الكمال الذي يستغرق به جميع الأمور الوجودية والنسب العدمية، سواء كانت محمودة عرفًا وعقلًا وشرعًا، أو مذمومة عرفًا وعقلًا وشرعًا، وليس ذلك إلا لمسمى الله خاصة، فهو متصف عندهم بكل صفة مذمومة، كما هو متصف بكل صفة محمودة (٣).

وفي الختام فإن المصنف يرى أن دابر هؤلاء وكفرهم وضلالهم لا يقطعه إلا المباينة بين الخالق والمخلوق، وأن هناك خالقًا منفصلًا عن المخلوق ترفع إليه الأيدي بالدعاء، وإليه كان معراج خاتم الأنبياء (٤).


(١) المصدر السابق (٥١٢).
(٢) المصدر السابق (٥١٣).
(٣) المصدر السابق (٥١٣).
(٤) المصدر السابق (٥١٧).

<<  <   >  >>