للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولًا: ابتغاء وجه الله عزّ وجلّ بهذا العلم، والإخلاص فيه، وطلب مرضاته به، فإن أول من تسعر به النار يوم القيامة رجل تعلم حتى يقال عنه: عالم، وقد قيل، كما جاء في الحديث الصحيح، أو الحديث الذي في السنن وفيه: "من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله، ولم يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من عرض الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة" (١).

ثانيًا: أن يستعمل العدل في علمه الذي هو ميزان الأعمال، وفي ذلك يقول المصنف: "فينبغي لمن علم علمًا أن يستعمل في علمه العدل الذي هو ميزان الأعمال، ولا ينسى حظه من الإحسان الذي به يستحق القرب والرضوان" (٢).

واستعمال العدل في العلم -كما أشار المصنف- من أعلى درجات الإحسان فيه، ويمكننا أن نستخرج منه بعض الفوائد، منها على سبيل المثال: ما ينبغي على طالب العلم أن يكون عادلًا مع الله قبل أي شيء آخر، فلا يطلب بعلمه أحدًا غيره، ومن ذلك أن يبلغ ما تعلمه إلى الناس، ولا يخشى أحدًا إلا الله.

ومها: أن يكون طالب العلم عادلًا مع نفسه، وذلك بأن يختار من الشيوخ والعلوم ما يكون به صلاح أمره في دينه ودنياه، وأن يكون منصفًا لشيوخه.

ومنها: أن يعمل بما تعلم، وهذا الأمر -وهو العمل بالعلم- من أهم جوانب استعمال العدل في العلم.

ومها: أن يكون عادلًا مع إخوانه الآخرين من طلبة العلم، فلا يحسدهم ولا يزدريهم.

ومنها: أن يكون عادلًا مع الناس، فيعلمهم ويدعوهم بكل رفق ولين، ولا يتعالى عليهم، ويحتمل خطاهم، وغير ذلك من الفوائد.

ثالثاً: أن يحسن الطالب ظنه بمن يتعلم منه العلم، وفي ذلك يقول


(١) المصدر السابق (٥٨٤).
(٢) المصدر السابق (٥٨٣).

<<  <   >  >>