للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشارع رعى المصلحة العامة، لأن الجالب إذا لم يعرف السعر، ولا أخبر بثمن المثل، كان المشتري قد غره، وليس ذلك من الصدق والنصح في شيء، إنما هو خيانة وغش، فإن أضاف إليها كذبًا صريحًا مثل أن يقول: قد أعطيت فوق ما يساوي في سوقه، لأجل حاجتي إلى ذلك ونحو هذا مما يستعمله من لا عناية له بمطعمه ومشربه، ومن جل قصده تثمير المال، والمفاخرة والمكاثرة بحسن المخادعة في البيوع، وكل ذلك محرم محذور. . " (١).

ويلاحظ في هذا المقام أن المصنف حين يطرق هذه القضايا الفقهية البحتة، لا يسلك في ذلك سبيل الفقهاء الذي ينصب في الغالب على بيان المسألة وصورها وأحكامها والاستدلال لها، بل إنه ليأتي به في ثوب جميل من النصح والتوجيه والتربية، والتذكير بأهمية الإحسان والتعاون بين المسلمين، والإشادة بالمحسنين، والتثريب واللوم على الذين ليس همهم في هذه الحياة إلا جمع المال من أي طريق كانت (٢).

وانظر إلى قوله رحمه الله: "وليس ذلك من الصدق والنصح في شيء، إنما هو خيانة وغش، فإن أضاف إليها كذبًا صريحًا مثل أن يقول: قد أعطيت فوق ما يساوي في سوقه، لأجل حاجتي إلى ذلك، ونحو هذا مما يستعمله من لا عناية له بمطعمه ومشربه، ومن جل قصده تثمير المال، والمفاخرة والمكاثرة بحسن المخادعة في البيوع، وكل ذلك محرم محذور. . " (٣).

٧ - اجتناب البيوع الفاسدة، وينقل جملة كبيرة منها عن ابن عقيل الحنبلي، ويقول رحمه الله: "ومن الإحسان في البيوع، والتزام العقود الشرعية، والورع في المعاملات المباحة، ما ذكره الإمام أبو الوفا بن عقيل البغدادي في كتاب التذكرة، في باب ما يجتنب من البيوع الفاسدة، فقال:

يجتنب منها خمسة وعشرون شيئًا، كلها كانوا في الجاهلية يجيزونه،


(١) المصدر السابق (٦١٢ - ٦١٣).
(٢) وسيأتي مزيد بيان لهذه القضية أثناء تحقيق متن الكتاب إن شاء الله.
(٣) المصدر السابق (٦١٣).

<<  <   >  >>