للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكي ندرك شيئًا من المكانة العلمية التي وهبها الله عزّ وجلّ لشيخ الإسلام، فلا بأس بفسح المجال لرأي ثلة من علماء الأمة في علم شيخ الإسلام وتبحره في كافة العلوم على حد سواء.

يقول الشيخ الحافظ العلامة تقي الدين بن دقيق العيد لما سئل عن ابن تيمية؛ وكاد قد اجتمع به: "رأيت رجلًا سائر العلوم بين عينيه، يأخذ ما شاء منها، ويترك ما شاء .. " (١).

ويقول عنه شيخ المحدثين في عصره؛ وأستاذ أئمة الجرح والتعديل في زمانه أبو الحجاج المزي: "ما رأيت مثله، ولا أرى هو مثل نفسه، ما رأيت أحدًا أعلم بكتاب الله وسنّة رسوله، ولا أتبعه لهما منه" (٢).


= ثلثاه حرفا العين والميم هما ... في اللفظ من عدمٍ وفي تنويعه
لو إذ جمعت حسابه في أكثر ... وأضفت خمسيه إلى مجموعه
فمربعًا يضحي ويضحي جذره ... مع أربع عشرًا لذي تربيعه
وكلمات المربع والأضلاع والمثلث والجذر والتربيع كلها مصطلحات رئيسية في الهندسة والحساب والجبر والمقابلة.
وأود أن أشير بهذه المناسبة إلى أن شيخ الإسلام كان له نظم قليل وسط كما قال الحافظ ابن رجب في الذيل (٢/ ٣٩٥)، وقوله: وسط أي ليس بالفائق، دون القوي وفوق الضعيف، وهكذا نظم كثير الفقهاء والعلماء، ومن آخر نظمه ما قاله في السجن الأخير الذي مات فيه:
أنا الفقير إلى رب السموات ... أنا المسكين في مجموع حالاتي
أنا الظلوم لنفس وهي ظالمتي ... والخير إن جاءنا من عنده يأتي
لا أستطيع لنفسي جلب منفعة ... ولا عن النفس في دفع المضرات
وليس لي دونه مولى يدبرني ... ولا شفيع إلى رب البريات
إلا بإذن من الرحمن خالقنا ... .......................
وقد بالغ بعض الباحثين في إطراء نظم شيخ الإسلام ووصفه بأنه من أقوى الشعر، وأبلغ النظم والتصوير، وشيخ الإسلام لم يكن شاعرًا، وهو بحمد الله في غنى عن مثل هذا الإطراء الفجّ، ولو قيل بعض ذلك في تلميذه ابن القيم لكان الأمر قريبًا، ورحم الله الجميع.
(١) الرد الوافر على من زعم من أن من أطلق على ابن تيمية شيخ الإسلام كافر لابن ناصر الدين الدمشقي (١٠٧).
(٢) العقود الدرية (٧) شذرات الذهب (٨/ ١٤٧).

<<  <   >  >>