للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و (١) قال الجمهور من السلف والخلف (٢): بل هؤلاء الذين وصفوا بالإسلام دون الإيمان، قد لا يكونون كفاراً في الباطن، بل معهم بعض الإسلام المقبول، وهؤلاء يقولون: الإسلام أوسع من الإيمان، فكل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمناً، ويقولون في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن" (٣) أنه يخرج من الإيمان إلى


(١) الواو ليست في (ط).
(٢) قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- "وأما من يفرق بين الإسلام والإيمان، فإنه يستدل بهذه الآية (يعني آية الحجرات) على الفرق بينهما، ويقول: "نفي الإيمان عنهم لا يلزم مه نفي الإسلام، كما نفى الإيمان عن الزاني والسارق والشارب، وإن كان الإسلام عنهم غير منفي". الفتح (١/ ١٢٦) وقال أيضاً: "والقول بالفرق بين الإسلام والإيمان مروي عن الحسن، وابن سيرين، وشريك، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن معين، ومؤمل بن إهاب، وحكي عن مالك أيضاً وقد سبق حكايته عن قتادة، وداود بن أبي هند، والزهري، وابن أبي ذئب، وحماد بن زيد، وأحمد، وكذلك حكاه أبو بكر السمعاني عن أهل السنة جملة. . ".
ثم قال: "فحكاية ابن نصر وابن عبد البر عن الأكثرية التسوية بينهما غير جيد، بل قد قيل: إن السلف لم يرو عنهم غير التفريق. . "الفتح (١/ ١٣٠).
وقال الحافظ ابن كثير في تفسير القرآن العظيم (٤/ ٢٢٠): "وقد استفيد من هذه الآية الكريمة، أن الإيمان أخص من الإسلام، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة، ويدل عليه حديث جبريل عليه الصلاة والسلام، حين سأل عن الإسلام والإيمان والإحسان، فترقى من الأعم إلى الأخص ثم للأخص منه. . ".
ثم أورد حديث سعد - رضي الله عنه - السابق فقال بعد ذلك: "فدل هذا على أن هؤلاء الأعراب المذكورين في هذه الآية ليسوا بمنافقين وإنما هم مسلمون لم يستحكم الإيمان في قلوبهم فادعوا لأنفسهم مقاماً أعلى مما وصلوا إليه فأدبوا في ذلك وهذا معنى قول ابن عباس - رضي الله عنهما- وإبراهيم النخعي وقتادة واختاره ابن جرير. وإنما قلنا هذا لأن البخاري -رحمه الله- ذهب إلى أن هؤلاء كانوا منافقين يظهرون الإيمان وليسوا كذلك".
(٣) رواه البخاري برقم (٦٧٧٢) كتاب الحدود باب الزنا وشرب الخمر، ومسلم برقم (٥٧) كتاب الإيمان باب نقصان الإيمان بالمعاصي، والترمذي برقم (٢٦٤٥) كتاب الإيمان، والنسائي برقم (٤٨٧٠) كتاب قطع يد السارق، وأبو داود برقم (٤٦٨٩) كتاب السنة، وابن ماجه برقم (٣٩٣٦) كتاب الفتن، وأحمد برقم (٢٧٤١٩).

<<  <   >  >>