للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: ٩، ١٠] فقد وصفهم بالإيمان والأخوة، وأمرنا بالإصلاح بينهم (١).

فلما شاع في الأمة أمر الخوارج، و (٢) تكلمت الصحابة فيهم، ورووا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الأحاديث فيهم، وبينوا ما في القرآن من الرد عليهم، ظهرت (٣) بدعتهم في العامة.

فجاء (٤) بعدهم المعتزلة (٥) الذين اعتزلوا الجماعة بعد موت الحسن البصري وهم:


(١) كلمة "بينهم" ساقط من (م).
(٢) الواو ليست في (ط)، وفي (م): "فتكلمت".
(٣) في (ط): "وظهرت".
(٤) في (م) و (ط): "فجاءت".
(٥) المعتزلة من الفرق الإسلامية الكبرى التي ظهرت في أوائل عصر بني العباس، أوصلهم بعض العلماء إلى عشرين فرقة، واستطاعوا في عهد الخليفة العباسي المأمون (المتوفى سنة ٢١٨ هـ) أن يصلوا إلى أرفع المناصب في الدولة كرئاسة الوزراء ورئاسة القضاء وغيرها، وأن يلحقوا الأذى بعلماء الأمة حيث أكره الناس على الإيمان بمعتقدهم الخبيث، وامتحنوا العباد على القول ببدعتهم الشنيعة في القول بخلق القرآن، وسار المعتصم والواثق على طريق المأمون في نصر أهل الاعتزال، والتنكيل بأهل السنة، وأوذي الإمام المبجل أحمد بن حنبل إيذاء بليغاً، وسجن وجلد واضطهد، فما زاده إلا ثباتاً ورسوخاً في الحق بإذن ربه، حتى جاء المتوكل فأظهر السنة وأكرم أهلها، وقمع أهل البدعة والاعتزال، فانكمش المعتزلة، ولكنهم ظلوا محافظين على وجودهم عدة قرون ثم ما لبثوا أن انقرضوا اسمًا، وتبنى عقيدتهم طوائف أخرى كالرافضة والزيدية وغيرهما.
وقد اختلف في سبب تسميتهم بالمعتزلة، ويرى الشهرستاني أنهم سموا بذلك حين اعتزل واصل بن عطاء -المؤسس الحقيقي- حلقة الحسن البصري لتقرير بدعته في الحكم في مرتكب الكبيرة، وقال أبو الحسين الملطي في "التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع" (٣٦): "وهم سموا أنفسهم معتزلة، وذلك عندما بايع الحسن بن علي -عليه السلام-! ! (كذا في المطبوع) معاوية، وسلم إليه الأمر، اعتزلوا الحسن ومعاوية وجميع الناس، وذلك أنهم كانوا من أصحاب علي، ولزموا منازلهم ومساجدهم، وقالوا: نشتغل بالعلم والعبادة، فسموا معتزلة. . ".
ويجب أن يؤخذ هذا القول من باب انتحال المعتزلة له، ومحاولتهم إثبات تقدمهم وأصالتهم، وأن لهم سابقة في نصرة أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه -، ومما يدحض هذ القول وقيعة كثير من المعتزلة في علي وغيره من الصحابة - رضي الله عنهم-، ورد شهادة علي وشهادة من قاتله، كما هو معروف من مذهبهم، ولعل هذا يفهم من قول الملطي -رحمه الله-: "وهم سموا أنفسهم معتزلة". =

<<  <   >  >>