للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصناف: ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق للخيرات (١).

وهؤلاء الثلاثة ينطبقون على الطبقات الثلاث (٢) المذكورة في حديث جبريل -عليه السلام-: الإسلام والإيمان والإحسان كما سنذكره إن شاء الله تعالى.

ومعلوم أن الظالم لنفسه (٣) إن أريد به من اجتنب الكبائر، أو (٤) التائب من جميع الذنوب، فذلك مقتصد أو سابق، فإنه ليس أحد من بني آدم يخلو عن ذنب، لكن من تاب كان مقتصداً [أو] (٥) سابقًا.

و(٦) كذلك (٧) من اجتنب الكبائر كفرت عنه السيئات، كما قال تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: ٣١].

فلا بد أن يكون هناك ظالم لنفسه موعود بالجنة، ولو بعد عذاب يطهر من الخطايا.

فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر أن ما يصيب المؤمن في الدنيا من المصائب هو (٨) مما يجزى به ويكفر به من (٩) خطاياه، كما في الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما يصيب المؤمن من وصب، ولا نصب (١٠)، ولا هم، ولا حزن، ولا غم، ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" (١١).

وفي المسند وغيره أنه لما نزلت هذه الآية: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}


(١) أطال الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى في وصف هؤلاء الأصناف الثلاثة وبيان حالهم في كتابه: طريق الهجرتين (١٨٦) وما بعدها.
(٢) في نسخة الأصل: الثلاثة، والصحيح من (م)، (ط).
(٣) "لنفسه" ليست في (م).
(٤) في (ط): "و".
(٥) في نسخة الأصل: "و". والصحيح من (م) و (ط).
(٦) الواو ساقطة من (ط).
(٧) في (م): "ولذلك".
(٨) هو ليست في (ط).
(٩) في (ط): "ويكفر عنه".
(١٠) النص هو التعب، والوصب هو دوام الوجع ولزومه، النهاية في غريب الحديث (٥/ ٦٢، ١٩٠).
(١١) رواه البخاري برقم (٥٦٤٢) كتاب المرضى باب ما جاء في كفارة المرض، ومسلم برقم (٢٥٧٣) كتاب البر والصلة والآداب باب ثواب المؤمن فيما يصيب من مرض أو حزن أو نحو ذلك حتى الشوكة يشاكها ٤/ ١٩٩٢، والترمذي برقم (٩٦٦) كتاب الجنائز وأحمد برقم (٧٩٦٧).

<<  <   >  >>