للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: ٢٢] (١).

وإن قيل إن مسطحاً وأمثاله تابوا لكن الله تعالى لم يشترط (٢) في الأمر بالعفو عنهم والصفح والإحسان إليهم التوبة.

وكذلك حاطب بن أبي بلتعة كاتب المشركين بأخبار النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أراد عمر قتله قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنه قد شهد بدراً، وما يدريك أن الله قد اطلع على أهل بدر، فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" (٣).

وكذلك ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح أنه قال: "لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة" (٤).

وهذه النصوص تقتضي أن السيئات مغفورة بتلك الحسنات، ولم يشترط مع ذلك توبة، وإلا فلا اختصاص لأولئك بهذا، والحديث يقتضي المغفرة بذلك العمل (٥).


(١) سبب نزول هذه الآية جزء من حديث الإفك الطويل الذي رواه البخاري برقم (٣٦٦١) كتاب المغازي باب حديث الإفك، ومسلم برقم (٢٧٧٠) ٤/ ٢١٢٩ كتاب التوبة باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف، والترمذي برقم (٣١٨٠) كتاب تفسير القرآن، وأحمد برقم (٢٣١٨١).
(٢) في (م) و (ط) "يشرط".
(٣) رواه البخاري برقم (٣٠٠٧) كتاب الجهاد والسير باب الجاسوس، ومسلم برقم (٢٤٩٤) ٤/ ١٩٤١ كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل أهل بدر - رضي الله عنهم- وقصة حاطب بن أبي بلتعة، والترمذي برقم (٣٣٠٥) كتاب تفسير القرآن، وأبو داود برقم (٢٦٥٠) كتاب الجهاد، وأحمد برقم (٦٠١)، والدارمي برقم (٢٦٤٣) كتاب الرقاق.
(٤) رواه بهذا اللفظ الترمذي برقم (٣٦٨٠) كتاب المناقب، وأبو داود برقم (٤٦٥٣) كتاب السنة، وأحمد برقم (١٤٣٦٤) وفي صحيح مسلم عن جابر - رضي الله عنه - قال: أخبرتني أم مبشر -وهي امرأة زيد بن ثابت- أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول عند حفصة: "لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها" ورقمه (٢٤٩٦) ٤/ ١٩٤٢ كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل أصحاب الشجرة أهل بيعة الرضوان - رضي الله عنهم-.
(٥) يقول الحافظ ابن قيم الجوزية في زاد المعاد (٣/ ٤٢٣) بعد أن ذكر قصة حاطب بن أبي بلتعة - رضي الله عنه - وذكر شيئاً من فقهها ولطائفها وأحكامها: "وفيها: أن =

<<  <   >  >>