للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا قيل: إن هذا لأن أحداً من أولئك لم يكن له إلا صغائر، لم يكن ذلك من خصائصه أيضاً، و [على] (١) هذا يستلزم تجويز الكبيرة من هؤلاء المغفور لهم.

وأيضاً قد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن عقوبة الذنوب تزول عن العبد بنحو عشرة أسباب:

أحدها: التوبة، وهذا متفق عليه بين المسلمين، قال تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣)} [الزمر: ٥٣].

وقال تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤)} [التوبة: ١٠٤].

وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى: ٢٥] (٢) وأمثال ذلك.

الثاني: الاستغفار، كما في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا أذنب عبد ذنباً فقال: أي رب! أذنبت ذنباً فاغفره لي، فقال ربه: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي، ثم أذنب ذنباً آخر فقال: أي رب! أذنبت ذنباً فاغفره لي، فقال ربه: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي، فليفعل ما شاء، قال ذلك: في الثالثة أو الرابعة" (٣).

وفي صحيح مسلم عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم،


= الكبيرة العظيمة مما دون الشرك قد تكفر بالحسنة الكبيرة الماحية، كما وقع الحس من حاطب مكفراً بشهوده بدراً".
(١) في نسخة الأصل: وعن، وفي (ط): "أن".
(٢) في نسخة الأصل و (م): قال تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} بالخلط بين الآيتين الكريمتين والتصحيح من (ط).
(٣) رواه البخاري برقم (٧٥٠٧) كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ}، ومسلم برقم (٢٧٥٨) ٤/ ٢١١٢ كتاب التوبة باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة، وأحمد برقم (٧٨٨٨).

<<  <   >  >>