للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلم والمعرفة يزول عنه عندهم الأمر والنهي، وتباح له المحظورات، وتسقط عنه الواجبات، فتظهر أضغانهم، وتنكشف أسرارهم، ويعرف عموم الناس حقيقة دينهم الباطل، حتى سموهم باطنية لإبطانهم خلاف ما يظهرون، فلو كان والعياذ بالله دين الرسل كذلك، لكان خواصه قد عرفوه، ولظهر (١) باطنه، وكان عند أهل المعرفة والتحقيق من جنس دين الباطنية (٢)، ومن المعلوم بالاضطرار أن الصحابة رضوان الله عليهم الذين كانوا أعلم الناس بباطن الرسول وظاهره، وأخبر الناس بمقاصده ومراداته كانوا أعظم الأمة لزوماً لطاعة أمره سراً وعلانية ومحافظة على ذلك إلى الموت، وكل من كان منهم إليه أقرب (٣) وبه أخص وبباطنه أعلم كأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - كان أعظمهم (٤) لزوماً لطاعته سراً وعلانية، ومحافظة على أداء الواجب، واجتناب المحرم باطناً وظاهراً، وقد أشبه هؤلاء في بعض الأمور ملاحدة المتصوفة، الذين يجعلون فعل المأمور وترك المحظور


= المحرمات، والقول بتناسخ الأرواح، وإنكار البعث والنشور، وتقديس عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي لأنه كما يقولون خلص اللاهوت من الناسوت، وهم وسائر فرق الباطنية أكفر من اليهود والنصارى وكثير من المشركين -كما نص عليه المؤلف رحمه الله- وقد كان النصيرية -كسائر فرق الباطنية- عوناً لأعداء الإسلام من التتار والصليبيين والمستعمرين ضد المسلمين.
الملل والنحل (١/ ٢٢٠)، الفصل لابن حزم (٤/ ١٨٨)، مجموع الفتاوى (٣٥/ ١٤٥).
(١) فى (ط): "وأظهروا".
(٢) الباطنية: اسم عام تنضوي تحته عدة طوائف تجتمع كلها على أن الدين باطن وظاهر، ولها تأويلات -وإن اختلفت- إلا أنها جميعاً تهدف إلى إبطال الدين، وهدم الشرائع، وإنكار العقائد، ولها عدة أسماء: الإسماعيلية والملاحدة والقرامطة والخرمية والبابكية والنصيرية والمحمرة، وهذه الأسماء وإن كانت عامة إلا أنها قد تخص بعض فرقها، وسموا بالباطنية لأن نصوص الشرع عندهم لها ظواهر عند العامة والجهال، وبواطن لا يفهمها إلا العقلاء بزعمهم. فضائح الباطنية (١١)، القرامطة لابن الجوزي (٣٥)، الملل والنحل (١/ ٢٢٨).
(٣) " أقرب " ساقطة من (ط).
(٤) في (ط): "كانوا".

<<  <   >  >>